كلمة صداقة.. بحر كبير كثير العطاء ومصطلح عميق في محتواه، ففيها تجد الصدق والإخلاص والتضحية والرحمة. فالصداقة كما شبهها أحد الحكماء بالكفين اللذين يساعدان بعضهما البعض، فكلاهما تغسل الأخرى من الشوائب، ولو أن إحداهما أبت أن تبادل أختها خدمتها في غسلها واكتفت بتلقي مساعدتها دون تقديم أي عون لها لظهرت بعض العيوب عليها، فهناك أنواع من الصداقات وأشكال كثيرة خاصة مع واقعنا الحالي، فترى بعض الأصدقاء يأخذ دون عطاء ولا اكتفاء وترى البعض الآخر يعطي دون انتظار رد الجميل أو الشكر والثناء، وهنا تكمن المفارقة بين الطرفين. فالصديق بالنسبة للطرف الأول يجب أن يكون رهن الإشارة في كل لحظة، ويجب أن يكون مستعداً وجاهزاً لتنفيذ رغباته في كل فرصة. ولكن هناك أشخاصاً في الحياة نادراً ما تراهم وتطلق عليهم لفظ صديق، لأنهم قليلون جداً ولا يمكن اكتشافهم إلا في مواقع محددة، ففي إحدى المعارك دار حديث بين جندي ورئيسه كالتالي : قال الجنديّ لرئيسه: صديقي لم يعد من ساحة المعركة.. سيدي أطلب منكم السماح لي بالذهاب والبحث عنه.. قال الرئيس: الإذن مرفوض! لا أريدك أن تخاطر بحياتك من أجل رجل من المحتمل أنّه قد مات. ولكن ذهب الجندي، دون أن يعطي أهميّة لرفض رئيسه. وبعد ساعة عاد وهو مصاب بجرحٍ مميت حاملاً جثة صديقه.. كان الرئيس معتزاً بنفسه فقال: لقد قلت لك أنّه قد مات! قل لي أكان يستحق منك كل هذه المخاطرة للعثور على جثّة؟! أجاب الجنديّ: بكل تأكيد سيدي! عندما وجدته كان لا يزال حياً.. واستطاع أن يقول لي: كنت واثقاً بأنّك ستأتي! الصديق هو الذي يأتيك دائماً حتى عندما يتخلى الجميع عنك. أُصَـادِقُ نَفْـسَ المَـرْءِ قَبْلَ جِسْمِـهِ وأَعْرِفُـهَا فِـي فِعْلِـهِ وَالتَّكَلُّــمِ وأَحْلُـمُ عَـنْ خِلِّـي وأَعْلَـمُ أَنَّـهُ مَتَى أَجْزِهِ حِلْمـاً عَلى الجَهْلِ يَنْـدَمِ مريم الشميلي Maary191@hotmail.com