نواصل اليوم الحديث عن “واقع” الدوري الإماراتي في إطار ما أطلقنا عليه في زاوية الأمس “وقفة مع النفس” والتي فرضتها الحالة التي وصلت إليها أندية الإمارات في مشاركاتها الخارجية. وإذا كان البعض يرى أن نجاحات منتخبي الشباب والناشئين عام 2009 يُحسب لمسابقة الدوري، فإن هذا الرأي مردود عليه، فنجاحات المراحل السنية لا علاقة لها بالدوري، لأنها ليست نتاج المسابقة المحلية الرئيسة في كرة الإمارات، بل تجسد نجاحات المدارس الكروية في الأندية، أما قوة الدوري فيجب أن تنعكس على حالة المنتخب الأول والمشاركات الخارجية للأندية، وفي هذا الإطار فإن النتائج ليست في صالح الدوري بأي حال من الأحوال. وإزاء قناعات الكثيرين بأن الدوري بات مجرد “صناعة إعلامية” فإنني أرى أنه من المنطق أن يتم تقليص المساحات المخصصة لتغطية المسابقة سواء على صعيد الصحافة أو التليفزيون، كما أنه من المنطقي أيضاً أن نقنن إطلاق المسميات والألقاب على الأندية، التي حوّلت المسابقة، كما يقول الصديق أحمد الرميثي، إلى ما يشبه المسلسلات الكرتونية، فكيف نطلق على أحد الفرق اسماً كبيراً وهو يخسر بالخمسة! كما أن مهرجانات الأهداف التي نتابعها في كل جولة لا تعني قوة المسابقة، بل تعكس ضعف مستوى خطوط الدفاع وحراس المرمى، بدليل أن الجولات التسع بالمسابقة حتى الآن شهدت 206 أهداف في 54 مباراة بمعدل 3,8 هدف في المباراة الواحدة، وباتت معظم المباريات أقرب إلى مباريات الدورات الرمضانية! ودعونا نتساءل: هل ما نشاهده من مستوى فني لمعظم مباريات الدوري يستحق كل هذا الحماس لدى المعلقين، لقد أخبرني أحد الأصدقاء بأنه كان يتابع الشوط الأول لإحدى المباريات عن طريق برنامج “صوت الملاعب” بإذاعة أبوظبي، واعتقد بناء على الحماس الشديد للمعلق أن اللاعبين سجلوا عشرة أهداف، وبعد أن تابع الشوط الثاني عن طريق التلفزيون فوجئ بأن الشوط الأول انتهى بدون أهداف، وأن ما يقدمه الفريقان أقل بكثير من حماس المعلق! الإشكالية التي تواجهها مسابقة الدوري حالياً، برغم الضجيج الإعلامي، تتمثل في أن التغطية الإعلامية المكثفة لم تنجح في إقناع الجماهير بقوة المسابقة، بدليل ذلك الإحجام الجماهيري الذي يرافق معظم المباريات، حتى أنه كان من السهل عليك أن تتعرف وأنت تتابع المباراة تلفزيونياً على الحوار الدائر بين لاعبي الوصل وعجمان الذي وصل الى مسامع المشاهدين، لغياب أصوات الجماهير! لقد كشف عام 2009 المستور وفرض على الجميع إعادة النظر في كثير من الأمور التي تتعلق بالمسابقة التي تخسر عناصر قوتها وتميزها يوماً بعد يوم، وبدلاً من فرد المساحات الإعلامية لإقناع الناس بـ “بضاعة تفتقد الإمتاع والإقناع” لابد من استثمار تلك المساحات في إلقاء الضوء على السلبيات، وما أكثرها، بهدف إيجاد الحلول الكفيلة بإنقاذ مسابقة تعيش فترة من أصعب فتراتها.