ها قد عدنا.. لكنني -كالعادة- أصر على أنني لم أبتعد ولا أنتم.. أصر على التلاقي، ففي الوجوه والصدور متسع للكتابة والبوح أكثر من الورق. ولا مناسبة تستدعي العودة على عجل، وقبل أيام من العيد، مثل فوز الأبيض التاريخي على اليابان بهدفي أحمد خليل ليحصد منتخبنا أول ثلاث نقاط في مشوار الدور الحاسم لتصفيات القارة الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2018، ضمن الجولة الأولى من مباريات المجموعة الثانية، والتي تضم معنا أستراليا، العراق، السعودية، وتايلاند. المباراة كانت هناك في طوكيو.. في الأرض البعيدة.. وافتتح الساموراي الأهداف، لكننا من فاز.. هذا ما شاهدناه، لكن الصورة الغائبة هي ما يجب أن يكون حاضراً في مستهل الأيام.. الصورة الغائبة أننا يجب ألا نندهش عند الفوز.. علينا ألا ننكر وألا نفسر الأمر باعتباره فعلاً خارقاً للعادة.. يفوزون منذ عقود ولم يدعوا أن ما يحدث معهم أعجوبة، وعلينا نحن أيضاً أن نصدق.. أن ندرك أن العالم يتغير، وأننا كنا كما كنا ليس عن نقص فينا، ولكن لأننا نضع سقفاً لكل شيء، والغريب أننا من بلد لا يعرف السقوف.. نعم نحن من الإمارات حيث نبدأ من الحلم.. حيث نذهل العالم.. حيث الدهشة في كل شيء إلا في الكرة. هذا المنتخب الأبيض هو نفسه الذي فاز على اليابان نفسها قبلاً في كأس آسيا، وهو الذي عادل عدد مرات الفوز بخمسة انتصارات لكل منتخب في المواجهات، وهو الذي أعاد لليابانيين ذكرى مؤلمة لم تحدث من عشرين عاماً حين خسروا بالنتيجة نفسها من كوريا الجنوبية في تصفيات المونديال عام 1997، وأنهى حظ الساموراي السعيد بعد خمس سنوات تقريباً دون خسارة رسمية على ملعبهم، منذ الخسارة من أوزبكستان بهدف في فبراير 2012، وكانت وقتها تصفيات المونديال الماضي. هناك واقع جديد.. لا يفرض نفسه علينا وحدنا، ولا يختارنا دون البقية.. لكن ينتظر من يتلقفه.. يحتاج من يؤمن به.. هو موجود دائماً، لكن هناك من يمرون في الطريق دون أن ينظروا.. نحن لم نكن يوماً أقل، ولا أدري لماذا كنا نظن ذلك. أحمد خليل صاحب الهدفين، وجه من وجوه مبدعة كثيرة مرت على كرة الإمارات، وفي الكتاب هناك من سطر أكثر منه، لكن يبدو أنه ومن معه، من ذلك الجيل الجديد.. الذي اكتشف أن العالم أوسع مما تحت قدميه، وأن تجارب الآخرين التي يطالعها بكبسة زر مثله تماماً، وأن من حوله ليسوا كائنات فضائية ولا سحرة.. هم مثله وأحياناً أقل. بعد غد، الثلاثاء، نواجه أستراليا، والتي سبقتنا بالفوز على العراق بهدفين.. نحن مثلها إنْ لم نكن أفضل، ويكفي تصريح مدربهم حين أكد أنه لم يتفاجأ بفوزنا على اليابان، ناهيك أن المواجهة ستكون على أرضنا بملعب الانتصارات، ستاد محمد بن زايد.. المهم أن نبقى في الواقع الجديد، وبالمناسبة هو واقع لا يتبدل بالفوز أو الخسارة.. هو ينحني للإرادة ويصفق للرجال. ** كلمة أخيرة: النصر قرار.. أن تنتصر ليست بحاجة إلى نتيجة.. يكفي أنك تستحق.