شاب في بدايات العشرين من العمر، بحث عن فرصة عمل في وظيفة بسيطة لكنها توفر له راتباً شهرياً منتظماً، ومع أول يوم عمل اتجه إلى أحد البنوك.. أقرضني أيها البنك.. أريد سيارة فاخرة كالتي يركبها المدير فلان بن فلان، حصل رجلنا على سيارته، وبعد شهر واحد.. لم يجد ما يكفيه من راتبه للإنفاق على نفسه وعلى سيارته الفاخرة، فالقسط يأكل الكثير ويدع له القليل، اتجه إلى البنك ثانية.. أريد بطاقة ائتمان وسأسدد لكم بالتقسيط، ويوماً بعد يوم أصبح صديقنا غارقاً في الديون من رأسه إلى قدميه، يلقي باللوم على البنوك في تحطيم حياته وأحلامه. يحلو للبعض توجيه النقد واللوم للبنوك والمصارف على «إغراء» البسطاء من الناس بالعروض والقروض وابتكار الكثير من برامج وعروض التمويل والإقراض، لتمتلئ حياة الناس بالأقساط الشهرية لتسديد الديون وفوائدها، و «تتغربل» حياتهم ويحيون مدينين لعشرات السنوات وربما العمر كله. بعض آخر من الناس يقف في الجانب الآخر، فيدافع عن البنوك ويرفض ما يسميه أصحاب الفريق الأول بـ «إغراءات البنوك»، ويقول إن الأمر لا يتعدى كونه جزءا من برامج التسويق المطلوبة لجميع الأعمال التجارية ومن بينها الأعمال البنكية والمصرفية. يقولون إن «العقل زينة لصاحبه».. ولكن كما يبدو فالبعض منا لا يملكون العقل حين يريدون المال، لا ينظرون في الأوراق التي يوقعونها عند الحصول على قروض من البنوك، لا يعرفون الكثير عن الفوائد ونظم سداد القروض.. لا يريدون سوى الحصول على ما يريدونه من «الكاش»، ويتركون ما يحدث بعدها للمستقبل.. وكما يقولون «أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب». ما ينقص البعض هو ثقافة المال.. وكيفية التعامل مع المال.. ولكن في الوقت نفسه نحتاج مزيداً من الضبط لعمليات تسويق البنوك، فليس من المنطق أن يلاحقك موظفو بنوك من خلال مكالماتهم الهاتفية، خصوصاً في هذه الأيام القريبة من نهاية العام، ويبدو أن بعضهم لا ينجح بالمكالمات، فيقوم بجولات على المؤسسات والشركات.. يبحث عن أي شخص يقبل الحصول على بطاقة ائتمان أو قرض أو خدمة مالية يقدمها له، لا بد من ضبط عمليات التسويق وإيضاح كافة التفاصيل المستقبلية لكل من يأتي ويقول «أقرضني أيها البنك». حسين الحمادي hussain.alhamadi@admedia.ae