دائماً تتقاذفنا رياح الاختلاف والخلاف والفرقة.. حتى الفرحة لم تعد سبباً كافياً لننسى ونتجاوز.. الكل ينتظر مأربه الخاص.. يقف في انتظار شيء لا يريد سواه، حتى لو كان ما أتى أفضل للجموع.. فالمهم ما يريد حتى لو كان خلاف المصلحة العامة. فاز المنتخب الإماراتي على اليابان.. لا شيء من المفترض أن يجمعنا ويوحدنا أكثر من هذا، لكن حتى هذا النبأ السعيد قسمناه إلى حكايات وروايات وكعكات، كل منها بطعم ولون مختلف، بين من هنأ على مضض، ومن قال إن النصر للاعبين ولا أحد سواهم، ومن نسبه إلى مهدي علي وحده دون اعتبار للبقية، ومن يعيد الفضل إلى النادي الفلاني، فلولا لاعبوه ما تحقق النصر، وبين من تكور بعيداً حزيناً وكأنه كان يريد الخسارة، بعد أن باعد الفوز بينه وبين ما يريد.. أشياء لا تصدق ولا يمكن أن يتصور عقل عاقل أنها موجودة، لكن الغريب أنها قابعة هناك.. تحت الرماد.. نسمعها تلميحاً وتصريحاً.. همساً، وأحياناً صوتاً عالياً نسمعه ولا نميز صاحبه، وإن ميزناه، ربما نخجل جميعاً من المواجهة، لأن كل القضية خاسرة وبلا معنى ولا مضمون. ما كان أحوجنا اليوم للكتابة عن الفرحة، والحديث عن فرص المنتخب في مباراة الغد أمام أستراليا، وما بإمكانه أن يفعله وما يجب عليه أن يتحاشاه، ولكن تلك الجزر الصغيرة المنعزلة والتي تطل على بعضها البعض، والتي أوضحها «الانحسار بعد المد».. تلك المشاعر السالبة التي يصدرها البعض للبعض.. هذه المباريات الجانبية التي لا نكتب عنها تقديراً للغاية الكبرى.. كلها مظاهر لحالة لا نريد لها أن تنمو ولا أن تزيد، لأن أول من سيدفع ثمنها هو المنتخب. يا سادة.. نحن للآن فزنا في مباراة ليس أكثر.. مهمة أي نعم.. كبيرة. هي كذلك، لكنها تبقى في النهاية مباراة.. خطوة وليست كل التأهل، وإذا كان الفوز في مباراة يطلق كل أبواب الفتنة تلك، فماذا سنفعل إن تأهلنا. يا سادة.. لا انتماءات أمام الوطن، ولا راية أمام العلَم.. كلنا في هذا الميدان واحد.. كلنا مهدي علي، وكلنا أولئك اللاعبون الأوفياء الذين لا يجب أن نشغلهم إطلاقاً بهذه المساجلات التافهة والعقيمة، والتي قد تصرفهم عن مهمتهم الكبرى إن هم استمعوا إليها.. أمامنا هدف كبير، ومهمة غالية، علينا أن ننجزها بإنكار ذات، وعلينا أن نعلم أن الغايات الكبيرة، يجب أن يكون كل ما حولها كبيراً.. كونوا على قدر الحلم حتى تستحقوه. ?? كلمة أخيرة: «الثرثرة» سلعة رائجة في سوق اليأس.. يبيعها ويشتريها «الفاشلون»