حين أعبر في الصباح «شارع السعادة»، ماراً بنادي الجزيرة، لن تكون مرة اعتيادية.. مثلما أفعل دوماً سأسرح بخاطري هناك إلى داخل الملعب.. سأفترض سيناريو على طريقتي.. سأسمع الهتافات، وأرى علم الإمارات يرفرف إيذاناً بالنصر. هذا ما يحدث لي يوم المناسبات الكبيرة في ستاد محمد بن زايد.. حين أمر من هناك، تصاحبني أمنيات، غالباً لا تحدث كما أريد لكن بعضها يحدث، والأهم أن كثيرين مثلي لديهم تلك الرؤى.. منامات الصباح تراودهم في تلك البقعة من شارع السعادة، خاصة إذا كان الفارس هو «الأبيض». اليوم.. ليس اعتيادياً، حتى لو مر كثيراً من قبل.. ليست المرة الأولى التي نلعب فيها، ولن تكون الأخيرة، وليست أول مرة نكتب، أو نقرأ، أو نشاهد أو نسمع، لكنها مرة مختلفة.. تأتي في أوان الشوق والترقب الكثير والانتظار الذي طال. ثلاثون عاماً تقريباً ستكون قد مضت منذ آخر مرة كان لنا فيها حلم تحقق.. إن استطاع أبناؤنا الذهاب إلى روسيا، سيرافقهم من بقي من أجيال الصبر القابعة منذ مونديال إيطاليا عام 1990، وأجيال الترقب والأمل أحياناً والحسرة في أحيان كثيرة.. سترافقهم أجيال لم تشهد إيطاليا، وربما من فرط الإخفاق ظنت أن إيطاليا كانت من نسج الخيال. اليوم.. تواجهنا استراليا.. نعم هي من يواجهنا.. تأتي إلينا على أرضنا وفي ملعبنا الأثير.. أي نعم تأتينا مدججة بكتيبة من اللاعبين ليس من بينهم سوى اثنين فقط غير محترفين.. تأتينا بفوز على العراق.. تأتينا كيفما تأتينا، فنحن أصحاب الأرض والحلم الأكبر، ونحن من نكتب التاريخ من جديد.. نحن من يلتحم لاعبونا معاً منذ سنوات طويلة، وكأنهم هم من يرفضون الاحتراف.. فازت على العراق ومن أولى بالعراق لينتقم لها سوانا. أستراليا.. تدرك حقيقة منتخب الإمارات الجديد، ومدربها الذي لم يستبعد فوزنا على اليابان، لا يستبعد شيئاً اليوم.. لا يستبعد أن نفوز أو أن يفوز أو «الحياد».. تلك هي المسألة التي جعلنا منها معضلة في الماضي، وبنينا قلاعاً للكانجارو، والتنانين، والأسود والفهود والنمور، واكتفينا نحن بحلمنا «الأبيض».. صدقنا أسماء أطلقناها على من نواجه، وحين هبطت علينا أستراليا بـ «الباراشوت» في مسابقات آسيا، أفسحنا لها الطريق، وافترضنا أننا نتنافس ينقصنا مقعد، سلمناه إليها. اليوم.. نحن لسنا في اليابان، وحتى حين كنا هناك، كنا الأروع والأبهى والأجمل.. اليوم يا «عيال زايد» تحوطكم أرض زايد وحب زايد ومجد زايد.. اليوم يا «عيال زايد» خلف كل باب في كل بيت هناك من ينتظر أمنية.. هناك طفل يهفو إليكم، وأم تدعو لكم، ورجل أنتظره في المدرجات خلفكم.. اليوم يا «عيال زايد» كونوا على قدر الاسم والأرض والعلم «الإمارات». ? كلمة أخيرة: بقي الجمهور: لا تنتظر فوزاً لا تسعى إليه