المتأمل في المسميات الخاصة بالأماكن والمواقع، أو حتى معاني المفردات في اللهجة الإماراتية واختلاف الفهم والتعريف عند الآخر، أي غير الإماراتي أو الخليجي في بعض الأوقات أو حتى الأجيال الجديدة، يجد أنه كثيراً ما يتعثر نطق بعض المسميات أو الأماكن الخاصة جداً بمنطقة نائية أو لا يتردد ذكرها في الإعلام، والمثال واضح وجليّ في مسميات بعض القرى والوديان والمواقع، مثلاً منطقة العوير في دبي وكيف ينطقها أبناء الإمارات الشمالية أو الشرقية أو بعضهم، والثنية في دبي، أو الحينة وهي إحدى المناطق الداخلية في الإمارات، ويكتشف الفارق الكبير في المعنى بين ما يعرفه أبناء المنطقة وأهلها والمعنى عند الآخر، الذي يذهب بعيداً. ولنقرب الصورة حتى يتضح ما نقصده بالتحديد، أولاً كلمة الثنية وتعني باللهجة المحلية الإماراتية: الانحناء أي عندما يمتد السيف أو الشاطئ ويعمل نصف دائرة من الساحل، وتستخدم في الحياة اليومية عند أهلنا أهل البحر والبر، مثل ثني الحبل أو العصا أو الأسلاك وسعف النخيل وأمور كثيرة جداً، بينما هي في مفهوم البعض تأتي من باب الثناء على الشيء، ولعل المثال الواضح لها، حنية العصا، التي يقرؤها وينطقها البعض من باب الحنّية والعطف. وكثيراً ما يكون الاختلاف في النطق والمعنى مدعاة للابتسامة أو العتاب الخفيف على عدم معرفة ما يعنيه الاسم كما أراده أهل الأرض والدار. وتحضرني الآن أسماء مدن كثيرة يختلف نطقها بين أهل بلدها وغيرهم. دائماً تكون المواقف جميلة ومفرحة للتفكير في معاني أسماء بعض الأماكن والمناطق في الإمارات أو البلاد العربية، تلك الأسماء لم تأت عبثاً، بل تكمن وراءها قصص وحكايات جميلة سرعان ما تستعيدها الذاكرة. الأسماء القديمة الرائعة تظل علامة جميلة لذاكرة جميلة عند أهلنا القدامى الذين لم يطلقوا الأسماء عبثاً وإنما كانت ذات دلالة قوية لأحداث كثيرة تطلبت أن تحملها مدن وقرى وجبال وسواحل. ما يحزننا الآن أن أولادنا الصغار لا يجيدون نطق أسماء أماكنهم ومناطقهم، ولا يعرفون حتى المواقع الأثرية أو التاريخية في بلدهم، وبعضهم لم يزر يوماً مدناً وواحات وجزراً وأماكن جميلة في الإمارات، بل لا يعرفون كيف ينطقون أسماء تلك المناطق.