تلقيت العديد من تعليقات القراء حول ما جاء في هذه الزاوية مؤخراً، حول السلوك الحضاري الذي علينا تعزيزه للمحافظة على نظافة مدننا، خاصة عندما تكون بمستوى نظافة وجمال وألق عاصمتنا الحبيبة. ودعا القراء، بلدية أبوظبي و«مظهر المدينة»، إلى التعامل بحزم مع المستهترين بقواعد النظافة والسلوك الحميد. وقد توقفت أمام رسالة من أحد القراء، وقارئة شاركته الأمر، عبرا عن الانزعاج الكبير لشريحة كبيرة من السكان من مناظر أعقاب السجائر المتناثرة أمام مداخل البنايات والمستشفيات والمؤسسات العامة بشكل مقزز. وكذلك من «كروت» أو بطاقات مراكز التدليك «المساج» التي انتشرت بشكل وبائي لدرجة منافسة محال البقالة، إذ ما أن تترك سيارتك لبرهة في موقف عام، حتى تعود لتجد مقبض الباب وتحت «المسّاحات» الأمامية والخلفية، وقد رُصعت بالبطاقات التي تحمل عنوان المركز المعلن وكيفية الوصول إليه وساعات عمله، وأنواع الخدمات التي يوفرها للزبون!. أكثر أصحاب المركبات لا يتوانى عن رمي تلك البطاقات، فتجد أرضية المواقف العامة وقد غمرتها البطاقات المرمية لتشكل عبئاً إضافياً على عمال النظافة الذين يبذلون جهوداً كبيراً في تنظيف تلك الأماكن وغيرها من الميادين والشوارع، وحتى من أمام المنازل التي بدورها لم تسلم من تلك الإعلانات الترويجية، مع المطبوعات الدعائية لمنافذ البيع وتسويق السلع الاستهلاكية. بالنسبة لمحال المساج المتفشية، كنا قد دعونا دائرة التنمية الافتصادية إلى التدخل لتنظيم عمل هذه المراكز التي أصبح بعضها يعلن خدماته على مدار الساعة. وعلى الرغم من الحملات التفتيشية التي تقوم بها فرق الدائرة بين فترة وأخرى، وتغلق معها بعض تلك المراكز، إلا أن التجاوزات لا تزال متواصلة ومستمرة مع انتشار هذه المراكز كـ «الفِطر». وما يتعلق بالبطاقات الترويجية والدعائية لمراكز التدليك، فالمسؤولية تقع هنا على البلدية، لأنه لو علم موزع تلك البطاقات أن هناك غرامات باهظة ستفرض على مثل هذا السلوك والترويج غير الحضاري المزعج، لما استمر فيه. نعود لنقول إن السلوك الحضاري، تربية وغرس في المقام الأول، ينشأ ويتربى عليه الفرد، وتعزيزه لدى الجمهور يتم بالتوعية على مدار العام، وإحاطته بجملة من القوانين والتشريعات المعززة بعقوبات وغرامات باهظة. والنموذج السنغافوري ماثل أمامنا، في جزيرة تعج بمراكز التدليك التقليدي، ولكن لا أحد فيها يجرؤ على دس إعلان في سيارة بمكان عام، ناهيك عن رمي عُقب سيجارة!!