ظلموا اللون الأسود عندما ربطوه بالظلام؛ فهناك ظلام ابيض، وظلام وردي، وآخر أزرق، كيف ذلك؟ عندما لا نرى سوى لون واحد في مكان ما بدون تدرج، يعني أننا أمام الظلام؛ وعندما لا نسمع سوى صوت واحد له رأي واحد، ولا تلتقط آذاننا أي اختلافات أخرى في الكون، فإننا نعيش الظلام، وعندما لا نرى سوى أنفسنا·· يعني أننا في ظلام· مهما كان هذا اللون المبهج الذي نعيشه، يظل ظلاما طالما انه لون واحد، وأي اختلاف مهما كان لونه سيكون بمثابة النور، فلنتخيل مكانا يملأه البياض، لا شيء غير البياض، وفجأة تمر قطة سوداء، ألن تكون هذه القطة بمثابة الشمعة التي أضاءت المكان، ودليلا على طريق في عتمة البياض؟! هكذا هي الحياة، الاختلافات تضيء الكون، والمختلفون معنا بمثابة الشمعات التي تحدد معالم الطريق· *** بكت بحرقة، وكادت عيناها أن تدميا من كثرة ما فركتهما، فقد أخذوا شموعها السبع· هكذا عرفت عندما لم تجدهم؛ شموعها الوردية التي اشترتها من مصروفها لتضعهم على الكيكة التي وعدتها والدتها بصنعها في عيد ميلادها؛ نامت من فرط البكاء، وعندما ذهبت في اليوم التالي إلى المدرسة، علمت من معلمتها أن المدينة بأسرها كانت غارقة في الظلام بعد أن توقفت محطات الكهرباء عن العمل بسبب نفادالوقود· عادت للبكاء من جديد، ليس لأنها عرفت أن شموعها الوردية أضاءت ليل منزلها المعتم، ولكن لأنها تأكدت أيضا·· أن والدتها لن تصنع لها كيكة عيد ميلادها· *** اصطنعت السعادة، ولا تدري إلى أي درجة صدَقَ أنها سعيدة بهديته الأولى، والتي كانت زجاجة عطر· الحقيقة أن الهدية لم تسعدها على الإطلاق، ليس لشيء، سوى لقناعتها بأنه ''عندما تهدي حبيبك عطرا·· تفقده''· بعد أقل من عام، تأملت الزجاجة مصطنعة أنها لا ترغب بما فيها، بينما تذوب نفسها إليه، فقط لأنها أرادت أن يبقى العطر للأبد، بعد أن رحل هو·· وبقيت الزجاجة·