لا شك في أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الفاتيكان، ولقائه بقداسة البابا فرنسيس، تعتبر مهمة جداً وتاريخية، وفي الوقت نفسه تعكس رؤية سموه الفريدة للمستقبل وللحوار مع الآخر، وتعكس مدى إدراك سموه لأهمية وجود شخص كالبابا فرنسيس على قمة الهرم المسيحي، والذي يعتبر فرصة تاريخية للعالمين الإسلامي والمسيحي للحوار ومد جسور التعاون، ووجود شخصية كالبابا فرنسيس فرصة لا تتكرر كثيراً للمعتدلين في هذا العالم الذين هم بحاجة لمن يدعمهم في مواجهة المتطرفين والإقصائيين من كلا الطرفين. ولقاء شخصيتين كالشيخ محمد بن زايد والبابا فرنسيس جعل المعتدلين من كلا الطرفين يستبشرون خيراً، فالشيخ محمد بن زايد رجل عربي مسلم يعتز بدينه ولا يتردد في الدفاع عنه، لمعرفته أنه دين حق وحب وسلام، وفي الوقت نفسه فإن مواقف سموه واضحة في محاربة كل من يستغل الإسلام ليمارس الإرهاب والتطرف والتعصب، فرسالة سموه واضحة ورؤيته للدين وللعالم نادرة بين السياسيين، لذا فإن اجتماعه مع قداسة البابا يعني لنا الكثير، واهتمام البابا والفاتيكان بزيارة سموه وإقامة مراسم استقبال رسمية يؤكدان عمق الاحترام والتقدير الذي يكنه الفاتيكان لزعيم سياسي عربي يدعو إلى تعزيز التعاون بين الدول والمنظمات الإقليمية والدولية من أجل الحوار، وذلك للتصدي لمحاولات تشويه الأديان والتحريض على الكراهية الدينية. رؤية الشيخ محمد بن زايد هي أن يستمر الحوار ويبقى باب اللقاءات مع جميع الأطراف مفتوحاً، فليس هناك عدو غير الذي يقتل الأبرياء باسم الدين، وينشر الحقد والكراهية بين البشر باسم الدين، أما من نختلف معهم في الدين والعقيدة فليسوا أعداء حتى يعلنوا عداءهم صراحة.. لذا لا يدخر الشيخ محمد بن زايد وقتاً أو جهداً في الحوار مع الآخرين، وإعطاء الصورة الحقيقية عن الإسلام والمسلمين، وحث قادة العالم على التعاون والتكاتف من أجل السلام وخير البشرية، ومن أجل محاربة الإرهاب والتطرف والعنصرية الطائفية. ودولة الإمارات قادرة على القيام بدور إنساني وحضاري متميز مع الفاتيكان، وذلك لتاريخها المشرف ورسالتها الواضحة في نشر التسامح والتعايش والحوار مع الآخر، ولا نخفي سراً عندما نقول إن من أسرار نهضة دولة الإمارات إيمانها بالتسامح ونشرها لقيمه بين المواطنين والمقيمين على أرضها، وهو المفتاح نفسه الذي دخلت به أوروبا إلى عصر التنوير وتخلصت به من عصور الظلام الطويلة. زيارة الشيخ محمد بن زايد تؤسس لمرحلة متقدمة من العلاقات بين دولة الإمارات ودولة الفاتيكان، علاقات تقوم على الاستفادة من القواسم المشتركة بين الجانبين، وفي مقدمتها احترام الأديان واحترام الإنسان ونبذ التعصب والتمسك بالحوار والتركيز على نقاط الاتفاق.