حين يحدث أي خلاف أو أزمة، أو حتى مشكلة بسيطة بين العين والأهلي، فإن كل الأقلام والصفحات، وحتى الفقرات في البرامج التلفزيونية تتحدث عنها وتعطيها مساحة من الأخذ والرد والإسهاب، وتصبح عناوين كل «السوالف» في أي مجلس وأي «جروب» لـ«الواتساب». ولكن حين بادر كوزمين وقال إنه مع العين، وإن مصلحته من مصلحة الأهلي، وإن المنافسة بينهما تنحصر داخلياً فقط، ولكن في الخارج فإنه سوف يساندهم، فهي كانت دعوة لأن يصمت المترصدون والمتأججون من كل الأطراف. والأمر نفسه فعله عبدالمجيد حسين، الذي كانت له ردة فعل إيجابية تجاه فكرة تأجيل مواجهة الفريقين في الجولة الثالثة من الدوري؛ نظراً لأن مباراة الأهلي والعين ستكون يوم الخامس عشر من أكتوبر، ومباراة الإياب مع الجيش القطري ستكون تاريخ الثامن عشر من الشهر نفسه، أي أن الفارق الزمني بين اللقاءين 72 ساعة فقط. كان بإمكان الأهلي أن يرفض الفكرة ويتجاهلها ولا يعلق عليها، بحجة مبدأ تكافؤ الفرص، وعدم خلخلة جدولة مبارياتهم في الموسم، وبعثرة أجندتهم الخاصة، وكان بإمكانهم أيضاً التعلل بعدم معرفتهم بنية العين بالتأجيل، ولكن لأن ما يحكم علاقاتنا هي القلوب الصافية، فإن البادرة خرجت بكل تلقائية وعفوية من الجانب الأهلاوي. نادي الإمارات رد على رسالة لجنة دوري المحترفين على الفور بالموافقة على طلب نقل المباراة من استاد نادي الإمارات برأس الخيمة إلى استاد هزاع بن زايد في العين، دون شروط ودون أي مماطلة. هذه كلها مواقف أصبحنا لا نلقي الضوء عليها، بل بتنا نبحث عن المشكلة ونحلل الأزمة ونشعل الخلافات ونزيد نيرانها حطباً، وهو أمر غير صحي وغير متوافق مع طبيعة مجتمعنا الإيجابي والهادئ، والذي يحب أن تُحل الأمور برقي، وتنتهي الاختلافات بتوافق دون إفساد لمشاعر الود. وحتى نحن أهل الإعلام والأقلام، علينا المبادرة بإبراز هذا الدور ووضعه في مكانه الطبيعي؛ لأن رياضتنا بُنيت وتأسست على الأخوة والصداقة، وليست على التعصب والعداوات الخفية والقلوب المريضة. أذكر القطب العيناوي الراحل حمد بن سهيل الكتبي، رحمه الله، حين حدثت بعض المناوشات بين جمهوري العين والشارقة، رد بعبارة شهيرة وابتسامة صادقة حينها قائلاً: «والله أنحبكم يالشرجاوية». واليوم نفتقده وسط مجموعة من المتعصبين للأسف كدنا أن ننجر خلفهم ونصدقهم لنخدع الشارع الرياضي ونؤلبه ونزيد القلوب شحناً على خلافات انتهت، لنصنع بعدها جيلاً يمارس التشجيع بعنف ويحول المنافسة إلى كراهية وصراعات الملعب إلى فتنة جوفاء كالتي تحدث في مجالس «الحريم»! كلمة أخيرة مشكلتنا أننا تغيرنا، أصبحنا نركز على هوامش الخلاف وننسى نقاط التوافق والالتقاء، دعونا نترقَّ!