بعض الناس يشقون، ويتعبون، ويشعرون بالإرهاق، حتى تبرز الابتسامة من بين الشفتين. بعضهم يشعر بالعناء حتى تبرز الأسنان الاصطناعية، وتنشق الشفتان عن زهرة ذابلة، متوجسة، خجولة.
عندما لا تتعلم أن الابتسامة أكسير حياة، وبذرة نمو في علاقة سوية مع الآخر. لو تعلّم الأبناء سر الابتسامة، لو تعلموا سحر البشاشة، والهشاشة، لو تعلموا كيف يصطادون الكلمة البلسم، لأنجزوا أهم مشروع إنساني تقوم على أساسه حضارة أمة ونهضة وطن.
لو تعلم الصغار كيف ينحتون صخرة الأمل، بشفرة الخطاب الثقافي، لاستطاعوا أن يخرجوا من كهف الانزواء في ظلمة (الأنا) المتصدعة. الابتسامة أولى الخطوات إلى المجد، الابتسامة تعلمك كيف تجتاز السور العالي، وكيف تصل إلى الآخر من دون علامات استفهام قد تعيق ولا تدل على الطريق إلى النجاح.
الابتسامة مثل قارب النجاة، إنها تنقلك من الحفرة السوداء إلى المرتفع، مثل الأجنحة تحلق بك في الفضاء، وتأخذك بعيداً عن الحضيض. الابتسامة مثل العطر، تجعل رائحتك زكية، إنها مثل الأثمد، تجعل في عينيك بريقاً، يراه الآخر فينشرح فضاءه العقلي، ويراك كما أنت، وليس كما
يريدك أن تكون.
الابتسامة مثل الوهج، يضيئك ويجعلك فناء مسفراً بمصابيح الحياة، إنها مثل الوردة تجعلك شفافاً، ورقراقاً ورقيقاً، وأنيقاً. الابتسامة مثل النهر، يجعلك صافياً، نقياً، عذباً. ابتسم كيفما شئت، وحيثما كنت، ستجد نفسك في الواحة العشبية القشيبة، ستجد نفسك في جلال الهيئة، وروعة الطلعة، ستجد نفسك في قلب الشمس، في محيط القمر، ستجد نفسك بين حاجبي السماء والأرض، ستجد نفسك في الحلم الزاهي، صورة مثلى لإنسان يتجلى وعياً بالحياة كما هي، مفطورة بالعفوية، وغريزة الوفاء للطبيعة، كونك ضلعاً من أضلاع الطبيعة، وفرعاً من فروع الشجرة العملاقة.
ابتسم ستجد نفسك في شعاع الشمس خيطاً يحيك قماشة السماء، ستجد نفسك النقطة المضيئة في فناء العالم. ابتسم، ستجد الحياة تتفتح مثل وردة برية، ستجد الحياة تنمو في داخلك مثل كريات الدم، وتكبر في عينيك، ستجد نفسك أكبر، ستجد العالم يفرد أجنحة الحب، ويأتيك مخصباً بالفرح. ابتسم، فلن تزورك الأضغاث، ولن تنشغل إلا بالابتسامة، ستكون أسئلتك في الحياة ملونة بالحبور.