على الرغم من أنه قطعة من فردوس مفقود، على الرغم من غناه التاريخي، وموضعه الجغرافي المتميز، وعلى الرغم من أن شعبه مناضل في وجه الحياة ومن أجل الحياة، إلا أن اليمن لم يكن سعيداً خلال تاريخه الحديث بعكس تاريخ أيامه الخوالي في ذلك الزمن البعيد، ولأن له خصوصية لا يشاركه فيها أي من الشعوب الأخرى، ظل يتعكز على تاريخه وأسطورة أهله الأولين، وهجراتهم الكثيرة، وما يمكن أن تمنحه الأرض الصلبة للرجال من صبر، وما يمكن أن يضيف الخَضار، والتقاء السحب بسطوح المنازل، وتلك النسمة الآتية من سماء إب صافية كوجوه نسائها ورحابة نفوسهن، من جَلَد يجعلهن في الشدات واللزائم أخوات رجال، لم يكف الناس، نساء ورجالاً وأطفالاً وشيوخاً، عن التضامن والتعاضد والوقوف جنباً إلى جنب من أجل إعلاء الصوت نحو حريتهم وكرامتهم، ومحاولة إضفاء بسمة من نهار حلو على أيام اليمن الذي يتمنى له الجميع، أصدقاء وأشقاء، السعادة التي غابت طويلاً عنه، وأنهك المواطن حتى دقّ عظمه الفقر والجهل، والبطالة غدت محرضاً على الجريمة والعنف والانتماء لمنظمات تجد الخلاص في عباءة الشر الموشاة بالدين. بدا اليمن سعيداً مرة بخروج رئيسه «صالح» في طائرة طبية تتبعها طائرة تقل عائلته وبعضاً من حرسه، وطائرة لم يعلن عما كانت تحمل، هل هي حقائب كثيرة لعدم العودة، أم حقائب خفيفة تكفي مدة العلاج؟ صالح الذي حاور وناور وزاور من أجل البقاء في السلطة بعد تنازلات عن الوصاية الأبدية على الشعب، ثم عن التوريث، ثم عن عدم التجديد مجدداً لترشحه، ثم المناشدة للبقاء حتى نهاية ولايته، لكن الشعب أصر على البقاء في الشارع، والقصر الرئاسي يتعرض لقصف وتفجيرات، بعضهم يرد الأمر لخيانة من الداخل، والبعض يرده إلى صوت القبائل، وهو صوت له رنينه في اليمن، والبعض الآخر رمى الكرة باتجاه منظمة القاعدة في اليمن التي طالما استخدمها الرئيس «صالح» في وجه أميركا والغرب وجيرانه وأشقائه في الخليج كـ«بعبع» يحاول أن يسيطر عليه، لكن يحتاج إلى مال وفير، وسلاح مدعوم، وضمانات للبقاء في سدة الحكم.. لذا خرج من الباب، ودخل من النافذة بتحالفات إيرانية حوثية، وأخطاء سياسية وتاريخية، قالباً ظهر المِجَنّ كعادته في الأزمات. اليمن بالتأكيد ليس سعيداً، وهذا كفيل بأن يشعل خريطة اليمن، ويشعل تقاسم الثروات الدفينة، لكن الرهان يبقى على المواطن اليمني الواعي سياسياً منذ زمن بعيد، والوطني بالفطرة، لنشدان غد جميل لليمن، ورفع شعار: الشعب يريد يمناً سعيداً!