ماذا يعني طرح بعض السلع الغذائية والاستهلاكية الأساسية والتي لا يمكن الاستغناء عنها، بأسعار تزيد على 40 بالمائة عن أسعار نفس السلع في دول الجوار التي تتشابه معنا في كل شيء تقريبا؟·· وبالمناسبة فإن 40 بالمائة هذه النسبة من تقديرات وزارة العمل·· لأننا نعلم أن أسعار بعض السلع تزيد بأكثر من 100 بالمائة على أسعارها في دول الجوار·· هذا التفاوت المذهل يعني باختصار شديد أننا نقترب بسرعة كبيرة مما سبق أن حذرنا منه وهو أن تصبح تكلفة الحياة في الدولة طاردة للاستثمار، وهو ما ينعكس بالتأكيد على مجمل الأوضاع الاقتصادية ويصطدم بالجهود الهائلة والناجحة التي تبذلها الدولة لتنويع مصادر الدخل واجتذاب رؤوس الأموال للاستثمار·
المشكلة أن الارتفاع في الأسعار طال كل شيء وتحول إلى مرض شديد العدوى، فأسعار أي شيء وكل شيء ارتفعت مرات ومرات، بدءا من إيجارات العقارات وصولا إلى السلع الغذائية والاستهلاكية والأجهزة المنزلية والمعمرة مرورا مع رسوم المدارس الخاصة وتكلفة العلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة والتي أصبحت لا تحتمل·
الحقيقة التي يعلمها من أطلقوا هذه اللعبة الخطرة، لعبة الرفع الدوري وربما اليومي للأسعار هي أنهم نجحوا في جعل حياة الكثيرين صعبة، نجحوا في إضفاء أجواء القلق والتوتر والخوف من عجز الموازنات المنزلية عن مواجهة متطلبات تضخم ثروات الوكلاء الحصريين للمعاناة السعرية·· ومع ذلك فإن المسلسل مستمر والأسعار ترتفع برغم أنف المواجهات 'الإعلامية' بين التعاونيات والوكلاء، لان الرقابة غائبة والردع مفقود ومصير المستهلك يحتل أخر قائمة الاهتمامات·
لقد لخصت وكيلة وزارة العمل لقطاع الشؤون الاجتماعية ما يحدث الآن في أسواقنا من تجاوزات مخيفة تستند إلى مفاهيم خاطئة عندما أكدت أن الاقتصاد الحر لا يعني العبث بأقوات الناس وعندما وصفت ما يحدث في أسواقنا بأنه تلاعب مقصود واستغلال متعمد يفضحه ارتفاع أسعار السلع في الإمارات مقارنة بأسعار نفس السلع في دول الجوار·
والسؤال الذي يحير كل مستهلك: ماذا ننتظر؟·· هل فعلا هذه الفئة المستغلة من التجار أقوى من إرادة المجتمع؟·· أم أن الخلل يكمن في غياب مظلة تشريعية تتعامل مع هذا النوع من الاستغلال المنظم للناس؟· أيا كان مكمن الخلل فإنه ليس أمام الناس وحتى إشعار آخر سوى أن يقولوا في حسرة: عليه العوض·