كان حكام كرة القدم بحاجة إلى جائزة شهرية حتى يتخلصوا من أخطائهم، وحتى تقل هفواتهم، وكانوا بانتظار هذه التوصية التاريخية حتى تختفي المشاكل التحكيمية إلى الأبد، ومنذ اليوم لن يكون هناك داعٍ للحديث عن الحكم الأجنبي، وقد يتم الاستغناء عن محللي الحكام في القنوات التلفزيونية، فلا حاجة لنا بهم عندما يرتقي الأداء، وأخيراً سنقول وداعاً للأخطاء. عندما تضع حلاً لمشكلة فاحرص على ألا تخلق بهذا الحل عشرات المشاكل، وقد أثبتت التجارب أن كل مسؤول يأتي إلينا لا يقرأ في تاريخ المكان الذي جاء إليه، ولو كان رئيس لجنة الحكام وبقية الأعضاء قد دققوا في تاريخ لجنتهم جيداً لعلموا أن اتحاد الكرة كان ينظم جائزة لاختيار أفضل حكم إماراتي كل موسم، وقبل 5 سنوات تم إلغاؤها، ولكن لماذا ألغيت؟ كانت جائزة أفضل حكم إماراتي الموسمية صداعاً في رأس اتحاد الكرة ولجنة الحكام، ورغم وضع معايير خاصة بالتقييم إلا أنها كانت سبباً في المشاكل والتوترات بين الحكام أنفسهم، وكانت ترافقها الكثير من الاحتجاجات نتيجة لعدم قناعة البعض بالاختيارات، كما أدت نتائجها إلى اعتزال نخبة من أبرز الحكام، وفي ظل الحاجة إلى تماسك البيت التحكيمي وحمايته من التصدع، تم إلغاء الجائزة التي كانت تفرق ولا تجمع. جائزة سنوية لم يتحمل السابقون وزر تبعاتها، وفضلوا حجبها حتى يتخلصوا من صداعها، واليوم يأتي الحاليون بجائزة شهرية، ولنتخيل سيناريو مماثلاً لما كان عليه الحال في السابق، فإننا سنكون على موعد كل شهر مع تراجيديا ودراما و«اكشن»، وأحاديث عن «كوكتيل» من المحاباة والمجاملات والإجحاف والغبن. لن تنتهي الأخطاء التحكيمية في كرة القدم، ليس هنا ولا في أكثر دول العالم تقدماً في اللعبة، والهدف اليوم لا يجب أن يكون القضاء على الأخطاء، فهو هدف مستحيل وغير واقعي، ولكن الهدف هو التقليل منها، وإيجاد كوادر تحكيمية مميزة، وإعادة هيبة التحكيم الإماراتي المفقودة منذ سنوات. أفضل من أطلق الصافرة في تاريخ الإمارات هو علي بوجسيم، ومع ذلك لا يمكن القول إنه لم يرتكب أخطاءً خلال مسيرته التحكيمية، ولكن كانت شخصيته طاغية، وأحياناً تكون الكاريزما والحضور وقوة الشخصية، أقوى سلاح للحكم في ضبط سلوك اللاعبين ومواجهة سطوة الأندية، لذا نحن بحاجة إلى مشروع صناعة حكم وليس إلى جائزة أشبه بمشروع مشكلة، لن تستقر بها الأوضاع ولكن ستزيد الطين بلة.