ماذا يحدث في سوق العقارات في الدولة، وإلى متى يستمر تدخل الوسطاء ومكاتب السمسرة في العلاقة بين المالك والمستأجر، وإلى متى يظل هذا الارتفاع في أسعار القيمة الايجارية دون مبرر·
إن النهضة العمرانية التي تشهدها الدولة في مختلف مدنها من خلال إنشاء تجمعات سكنية جديدة وفق تخطيط عمراني متميز تتطلب وضع ضوابط لتحديد العلاقة بين المالك والمستأجر، فقد برزت في الآونة الأخيرة قضايا ومشكلات (ايجارية) بسبب غياب الآلية التي تحدد أسس العلاقة بين المالك والمستأجر، ولا يزال الموظف في الدوائر والمؤسسات الاتحادية يئن من غلاء القيمة الايجارية التي وصلت في حدها الأدنى إلى 70000 ألف درهم للشقة المكونة من ثلاث غرف وصالة في حين أن المخصص الممنوح لهذا الموظف وفقاً لمعايير الميزانية الاتحادية لا يتجاوز 55 ألف درهم·
موظفون وموظفات يعانون الأمرين يومياً في رحلة البحث عن شقة للإيجار تناسب المخصص المالي للسكن وفقاً للمعايير الاتحادية، ولا يجد هؤلاء أمامهم سوى عشرات المكاتب العقارية التي سيطرت على السوق وانتشرت فيه كالسرطان، ويبدو أن هذه المكاتب العقارية وضعت قاعدة بيانات للشقق الخالية وتلك المتوقع خلوها وفقاً لجدول زمني وأصبحت تتناقل هذه البيانات فيما بينها، فإذا ذهبت إلى مكتب عقاري وقبل أن تلقي عليه التحية عليك أن تضع على طاولة مكتبه مبلغاً لا يقل عن 5 آلاف درهم تحت الحساب، وبعدها يبدأ سمسار العقارات في عرض عدد محدود من الشقق السكنية لايزيد عن أصابع اليد الواحدة وعندما تدرس هذه العروض ستجد نفسك بين المر والعلقم وآخر العلاج (الكي)·
تخرج من هذا المكتب وتذهب إلى مكتب ثان وثالث ورابع فتفاجأ بنفس الطريقة ونفس المعاملة وتقريباً نفس العروض التي قدمت لك في المكتب الأول، ليس هذا فحسب بل إن إمبراطورية سماسرة العقارات صارت تنافسهم إمبراطورية أخرى من (نواطير) البنايات، فقد أصبح ناطور البناية هو المالك الحقيقي وهو الذي يفتح لك كمستأجر أبواب الجنة ويريحك من رحلة العناء في البحث عن شقة للايجار، وهو أيضاً الذي يستطيع أن يجعلك تعاود رحلة (الكعب الداير) ركضاً بين البنايات والشقق دون جدوى·
أصبحت تسعيرة مقابلة سعادة (الناطور) مثل تسعيرة زيارة الاستشاري في أحد المراكز الطبية التي اكتظت بها شوارعنا اليوم، فالناطور الآسيوي لا يقبل بأقل من 200 درهم لقاء تحية الصباح والنظر إلى شقة خالية، أما إذا كان حظك عاثراً ووقعت بين (فكي) ناطور من الجنسية العربية فهو سيضع ساقاً على ساق وينفث في وجهك دخان سيجارته قبل أن يطلب 500 درهم·
وغداً نواصل·