حتى تُخلص الناس من قبضة تجار السوق السوداء، وحتى ترفع الضيم والغيم عن رؤوس المستهلكين الذين أنهكتهم ظلمات التجار المرتجفين، بادرت جمعية أبوظبي التعاونية ببيع الدجاج ومنتجاته بسعر التكلفة وذلك لمحاربة ومواجهة من في آذانهم صمم، ومن لا يعرفون غير الكسب، والكسب بالطرق غير المشروعة، وغير المقبولة عرفاً وتقليداً·· مبادرة رائدة، ونتمنى أن تحذو الجمعيات التعاونية الأخرى حذوها، ونأمل أن تستيقظ الضمائر لدى جميع من تناط بهم مسؤولية الحفاظ على كرامة الإنسان ورزقه ومصيره وحياة أبنائه·· فإذا كان التجار قد فقدوا البصر والبصيرة، وتمادوا في امتصاص دم البشر، وتفريغ جيوبهم وتمريغ جباههم في رمل الديون والحسرات والآهات، فلابد من اليقظة ولابد من الانتباه بأن المبالغة في رفع الأسعار إنما هي طريق جهنم الذي يدفع الناس إلى البقاء أحياء على شكل أموات، لا يملكون حولاً ولا قوة، ولا صوتاً أمام قرقعة الأصوات المتعالية، التي يرفعها التجار وأصحاب القلوب المتحجرة، والضمائر المغيّبة، والمشاعر المؤجلة إلى وقت غير معلوم·· جمعية أبوظبي التعاونية بادرت ونالت سبق الريادة في التصدي، ولكن اليد الواحدة لا تصفق، فهناك جمعيات ومؤسسات ذات صلة لا زالت تلتزم الصمت المريع، ولا زالت تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الزحف الشيطاني للأسعار وأحياناً تشارك في نفس الجريمة·· اليوم لم يبق أمام هذه الجمعيات إلا الأخذ بأسباب العبر، والاستفادة من تجارب من بادروا، وأكدوا أهمية التصدي والمواجهة· فلا يجوز أبداً أن يظل المستهلك أسيراً مخفوراً بأصفاد وأغلال من لا يرحم ولا يعترف بالقيم ولا يجوز أبداً أن يظل الإنسان مكبلاً مغربلاً مسربلاً بأسعار لا تشفع وقرارات لا تنفع·· ولابد من التقدم خطوة تُغيّر وتعيد الأمور إلى نصابها، وتمنع هذا الطوفان الذي أغرق الحقول والفصول وبات وباءً يهدد حياة الناس، ويسيء إلى التنمية التي ننشدها ونتمناها· الجمعيات الصامتة لابد أن تتحرك، ولابد أن ترفرف بأجنحة الخير، لتؤكد فعلاً أنها جمعيات تعاونية تعمل من أجل الناس، وتقف معهم لا عليهم·· الجمعيات الخامدة لابد وأن تفرك عن وجهها الصدأ والغبار المتلبد، لتقضي على هذه الظاهرة المبيدة لكل ما هو حي، وما هو يسعى لأن يعيش حياة كريمة·· فأفواه التجار لم تسد طمعها قرارات ولا قوانين ولا صرخات، هؤلاء بحاجة إلى وقفة عملية، تصد وترد، وتسد الثغرات التي صارت أوسع من مواسير المياه الطالحة، والمالحة، هؤلاء التجار بحاجة إلى أيد تضع الأصابع على الجروح، لتمنع القروح، ولتعالج المشكلة من جذورها فلم تنفع المسكنات، ولا حقن التخدير، لأن الداء عظيم والوباء أليم، والميكروب الذي تسرب في نفوس التجار ما عادت تردعه كل الاحتمالات والخيالات، ونظريات المنظرين، والمفسرين والمؤولين·· فقط البتر وعلاج الجذر هو الحل الوحيد الفريد، ولا نريد أن نعيد أو نزيد·· فالناس وصل بهم اليأس إلى ذروته·· فلتتحرك العجلات باتجاه الحقيقة