هذه حكاية مؤسسة حكومية في إحدى إمارات الدولة، ليست مؤسسة أجنبية ولا استثمارية، بل مؤسسة حكومية خدمية، يرأسها مواطن، احتاجت لملء شواغر وظيفية هامة، فتوقع عدد من موظفيها أن يوكل إليهم المدير هذه الوظائف كنوع من الترقيات المستحقة بحكم الخبرة الطويلة لديهم وبحكم المواطنة، لكنه أعلن أن وظيفة مسؤول الموادر البشرية ذهبت إلى شخص غير مواطن، دون أي إعلان ولا مقابلة ولا فرز ولا شروط· ما هو التوطين بالضبط؟ يبدو أن بعض المسؤولين لدينا في الامارات وفي مؤسساتنا الحكومية تحديدا قد التبس عليهم الأمر، وما عادوا يفرقون بين التوطين باعتباره إحلال المواطن المؤهل محل غير المواطن في الوظائف العامة والخاصة، وبين التوطين باعتباره توطين الأجنبي في هذه الوظائف، يبدو أن لبسا كبيرا يحتاج إلى تفكيك المفهوم وشرحه مجددا عن طريق دورات تأهيل وتدريب على سياسات التوطين لهؤلاء المسؤولين بحيث يشرح لهم: ماهو التوطين، وما أهميته وضرورته للإمارات وما هي انعكاساته السياسية على مستقبل الوطن وعلاقة أبنائه به؟ بعض المسؤولين بحاجة إلى وعي المفهوم؛ لأنهم فقدوا ذاكرة التوطين الحقيقية على ما يبدو !! قلنا ونقول دائما: الإمارات بلاد خير وانفتاح على العالم، وهي بلد تنمية مستدامة وبحاجة إلى جهود كبيرة ومتنوعة لاستمرار مشاريع التنمية المختلفة، جهود الإخوة والأشقاء والأصدقاء، لكنها أولا وقبل كل شيء بحاجة إلى جهود أبنائها، لينغمسوا في عمليات بناء وطنهم بالجدية المطلوبة التي تجذر علاقتهم بوطنهم وتكرس انتماءهم إليه بشكل عملي لا مجرد أقوال وشعارات وأغانٍ وأعلام مرفوعة، عليهم أن يعملوا في هذا الوطن بإيمان حقيقي أن الوظيفة حق وواجب، لأنهم حين يرون ذلك حقيقة لا شعار فإنهم سيبنون ويعرقون كثيرا ويتعبون أكثر ليغوص الوطن في وجدانهم، وتكون الهوية واقعا لا مجرد اجترار أغنيات شعبية وخطب رنانة على المسؤولين عن التوظيف وغير التوظيف أن يوفروا للشباب الاماراتي فرص القيام بكل ذلك عن طريق إفساح المجال لهم ليكونوا أول الأولويات وأول من يتم اختيارهم لأية وظيفة، لا أن يكونوا في آخر الطابور !! حسبما أتذكر - إن لم تخني الذاكرة- فهناك قرار وزاري يقضي بأن يتوافر في أية مؤسسة حكومية ما نسبته 80% من التوطين للوظائف الإدارية، يا ترى أمازلنا نعمل بمقتضى هذا القرار الحكيم؟ كل ما استطعنا التباهي به في مجال التوطين ذلك القرار بجعل وظيفة المندوبين حكرا على المواطنين وهي وظيفة بائسة جدا، بينما في دولة مثل السعودية تشترط القوانين على كل من يريد افتتاح شركة مثلا أن يكون مديرها العام سعوديا، أين نحن من هكذا قرارات تحفظ للمواطن الإماراتي مكانته وحقوق مواطنته وهيبته؟ ayya-222@hotmail.com