يطلق الاتحاد الدولي للصحفيين اليوم، وكما هو مقرر من خلال مؤتمر دبي الدولي ، مبادرة الصحافة الأخلاقية ، هذا الإطلاق الإقليمي للمبادرة الذي يشمل البلدان العربية وبعض دول غرب آسيا وأفريقيا، بعد أن كان قد أطلقها الاتحاد عالمياً في وقت سابق· مبادرة تهدف إلى التذكير بالقيم النبيلة التي تقوم عليها مهنة جليلة سامية، قيم ترتكز بصورة أساسية إلى الحيادية والمصداقية والوضوح والشفافية والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية و المحاسبة· والعمل وفق هذه القيم الجوهرية في المواقف والأزمات التي ترفض التضليل أو المواقف الرمادية وأساليب دس السم في العسل الذي يمارس على نطاق واسع في إعلام جهات كبرى تابعة لدول ومؤسسات كبيرة من تلك التي تعتبر نفسها محايدة بينما هي في الواقع واحدة من أكثر صور الإعلام الموجه بروزاً ووضوحاً· إن إطلاق هذه المبادرة يجيء في وقت أصبح فيه الكثير من المحسوبين على هذه المهنة السامية الجليلة بحاجة إلى ترميم نفوسهم وتذكيرهم بالقيم الأصيلة التي يفترض أن يتحلى بها كل من حمل أمانة القلم · ولعل في مقدمة هذه القيم الصدق وهو مفتاح المهنية والمصداقية التي يقوم عليها كل عمل يتصل بجمهور المتلقين· أقول إن الكثير من المحسوبين على القلم وأهله بحاجة إلى تجديد تذكيرهم بمثل هذه البديهيات بعد أن فقدوا بوصلة الاتجاهات، وهم لا يرون من الصحافة إلا منبراً لتحقيق غاياتهم ومصالحهم الشخصية ووسيلة إثراء لا أقل أو أكثر ، وطرحوا أقلامهم للإيجار لمن يدفع أكثر هنا أو هناك· وتابعنا كثيراً من هذه الحالات التي تبدلت فيها مواقفهم وجلودهم بحسب دسم المائدة التي يلتئمون حولها · ورأينا كيف اعتبروا الصحافة والمنابر التي يطلون منها مجرد ''فاترينات'' لعرض أنفسهم والتماس الأضواء منها، وهم بعيدون كل البعد عن ضوء الحقيقة· ورأينا تشدقهم بالرأي والرأي الآخر، وهم أكثر الناس ضيقاً بالرأي الآخر، ويجندون أقلامهم لمعاداة من خالفهم الرأي أو ابتعد عما حاولوا حشد موقف حوله لغايات في نفوسهم دون أدنى اكتراث بمصالح مجتمعاتهم أو حتى ما تفرضه عليهم أبسط قواعد الأمانة الصحفية· ولعل أقرب و أسطع مثال ونموذج لافتقار هذه النوعية من الأقلام للمصداقية، سهامهم الطائشة نحو الإمارات واقتصادها في معرض حديثهم عن الأزمة الاقتصادية العالمية التي تعصف باقتصاديات الدول الصناعية الكبرى، وتداعيات هذه الأزمة التي لا ينكر أحد أنها ألقت بظلالها على الجميع ولكن بصور متفاوتة ليس من بينها تلك الصور الصارخة التي ذهبوا إليها، وقد كان أشدها تحريفاً وتخريفاً قصة السيارات المتروكة في مواقف سيارات مطار دبي الدولي· ومما يؤسف له أن بعض هذه الأقلام تعيش بيننا وترى الحقيقة بأم عينها، ومع هذا تصر على قلب حقيقة الأمور والأشياء· وهذا لن يردعه أي وازع، ولكن مثل هذه المبادرات وإن غابت عنها آليات التطبيق، فهي للتذكير و إيقاظ بقايا ضمير، إن ظل هناك ضمير!!·