ستصعد القارة العجوز هذا المساء على خشبة المسرح، ويعود العالم بأسره إلى مقاعد الحضور ليكتفي بدور الجمهور، سيسود الصمت الرهيب وينطلق الحدث المهيب، فلا صوت يعلو على الصوت الأوروبي ولا شيء في البر أو البحر أو السماء سيكون قادراً على خطف الأضواء، من البطولة الأهم ومن سحر كرة القدم ومن كأس أوروبا للأمم. تعود أوروبا اليوم لتتسيد المشهد، وسيضبط العالم ساعته على انطلاقة الموعد، لأن القارة العجوز ستقدم اليوم دروساً جديدة في اللعبة، والمنافسة الكروية الملتهبة والتوقعات صعبة عندما تجمع المسابقة فرق الصفوة والنخبة، هناك في مصنع اللعبة، وحيث تصبح كرة القدم أكثر من قطعة جلد منفوخة بالهواء، ولكنها ثقافة وسياسة واقتصاد، وصنعة تساهم في رفعة البلاد. تعود أوروبا هذا المساء لتقدم لنا نسخة مطورة ومسابقة محيرة، وعلى مدى 23 يوماً ستتساقط الضحايا تباعاً وستطول القائمة، وفي نهايتها سنعرف من هو البطل الجديد وسيد أوروبا لأربع سنوات قادمة، وليس على العالم سوى الاستمتاع بسحر الكرة، وليس على القارات الأخرى سوى المتابعة والتعليق والكثير من التصفيق، وتلك البقاع من الأراضي البولندية والأوكرانية ستكون محط أنظار العالم، ستتوقف المعارك الدائرة في أي مكان على سطح الكرة الأرضية، وسيخضع العالم للهدنة الإجبارية، فهناك ما هو أهم هناك كرة القدم. اعتباراً من اليوم ولمدة 23 يوماً ستتحدث كرة القدم، وسيسكت الجميع، ستصمت الطبول وستتوقف المدافع، ستعطل الأعمال وتغلق المصانع، ولا تسأل عن السبب فهذه الساحرة المستديرة قادرة على صنع العجب، قادرة على حذف الراء من وسط كلمة “حرب” لتصبح كلمة “حب”. وعندما تنطلق اليوم في العاصمة البولندية وارسو النسخة الرابعة عشرة من مسابقة كأس أمم أوروبا والتي تقام في ضيافة دولتين هما بولندا وأوكرانيا في تنظيم مشترك، والبطولة التي تم تنظيمها لتجمع أفضل منتخبات القارة، وفي البداية كانت تلك هي الفكرة، ومع مرور الأيام وتوالي السنين تحولت إلى كأس عالم مصغرة، بل يعتبرها الكثيرون الأقوى على سطح الكرة الأرضية وأقوى من مسابقة كأس العالم نفسها على اعتبار أنها تضم 16 منتخباً أوروبياً هي منتخبات الصفوة في القارة العجوز، لا ينقصها سوى البرازيل والأرجنتين حتى تكتمل المتعة. مسك الختام: اعدوا العدة واربطوا الأحزمة، فالمتعة قادمة، واعتباراً من اليوم ولمدة 23 يوماً سوف نعيش الحدث الأهم وكأس أوروبا للأمم، واعتباراً من اليوم سوف يصمت الجميع وتتحدث كرة القدم. Rashed.alzaabi@admedia.ae