أخيراً و بعد كثير ترقب ومؤتمرات صحفية مؤجلة أعلنت دائرة النقل في أبوظبي عن تعرفة استخدام الحافلات التابعة لها والعاملة داخل مدينة أبوظبي، وذلك بعد عدة أشهر من التمتع المجاني بهذه الخدمة التي تعد إضافة حقيقية ونقلة نوعية في المشهد العام لحركة النقل العام في المدينة· وأعلنت الدائرة أن تعرفة الرحلة لا تكلف سوى درهم واحد، بينما سعر تذكرة التنقل ليوم كامل لا يزيد عن ثلاثة دراهم، أو لعدد غير محدود من الرحلات في الشهر الواحد مقابل أربعين درهماً، كما قررت الدائرة إعفاء المسنين والمعاقين من أجرة النقل· ومن هذه التدابير تتضح حضارية المسلك وهدفه الأبعد من مجرد درهم هنا أو هناك· وذلك ضمن رؤى الدائرة واستراتيجيتها في تشجيع استخدام وسائل النقل الجماعي من قبل المواطنين والمقيمين، وهو توجه يتطلب تفاعلنا جميعاً من خلال الإقبال عليه· وهذا لن يتحقق إلا متى ما شعر الفرد منا بأن استخدام الحافلة العامة أوفر له زمناً وكلفة مادية· ومن خلال متابعتي لهذا الأمر عن كثب تخطط دائرة النقل وبالتنسيق مع بقية الدوائر والجهات المعنية، بعد الانتهاء من مشروعات توسعات شوارع وطرقات أبوظبي لاعتماد مسارات خاصة بحافلاتها لضمان سرعة حركتها،كما نرى في مسارات الحافلات العاملة في المدن الأوروبية والأميركية· هدف يرمي للمساهمة في التخفيف من شدة ازدحام السيارات على طرقاتنا مع ما يستتبع ذلك من تقليل للتلوث البيئي الذي تتسبب فيه ارتال السيارات والمركبات التي تدب على الطرق· وتابعت إقبال الكثير من الأسر والأفراد على هذه الخدمة وارتياحهم لها، خاصة الخطوط التي تخدم المناطق التجارية والأسواق· وفي مراحل تالية، ومع انتظام خطوط المواصلات والتوسع في شبكة هذه الحافلات قد تكون ملائمة لاستخدامها من قبل طلاب المدارس كما يحدث أيضاً في مجتمعات أوروربية أميركية، حيث تجد طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية يستخدمون هذه الشبكة مقابل اشتراكات رمزية للتخفيف على الحافلات المدرسية التقليدية التي تخصص هناك لرياض الأطفال وتلاميذ المرحلة الابتدائية· إن توجهات دائرة النقل الرامية لتشجيع الجمهور على الاستفادة من خدمة الحافلات العامة للتخفيف أو الحد من استخدام السيارات الخاصة، يتطلب جهداً مضاعفاً ومستمرا لتسريع زيادة الأسطول العامل من هذه الحافلات، وكذلك توسعة شبكة المحطات والمناطق التي تغطيها داخل وخارج جزيرة أبوظبي، والاستمرار في المستوي الراقي من الخدمة المقدمة للجمهور لضمان إقباله وتفاعله معها· ومتى ما شعر مستخدم السيارة الخاصة أو سيارة الأجرة بوجود بدائل مريحة له تتيح وصوله إلى المناطق المزدحمة وبالذات الأسواق التجارية فإنه سيغير من نظرته للنقل الجماعي، ويدع استخدام سيارته الخاصة للمناطق البعيدة أو المسافات الطويلة على الأقل· ولا شك في أن حرص الدائرة على استمزاج آراء الجمهور عن طريق الاستبيانات والإعلانات الواسعة النطاق والأرقام الهاتفية المباشرة يصب في اتجاه إنجاح الخطط والاستراتيجيات التي وضعتها لنفسها، وتخدم بها ومن خلالها درة المدائن التي تشهد حالياً وتيرة متسارعة من النمو في كل الاتجاهات، وجعلت منها نقطة استقطاب وجذب سياحي واقتصادي من الطراز الأول·