كن هنا ولا تكن هناك.. في التعلق فقدان أكيد للحرية.. المرضى والعصابيون عالقون عند نقطة الصفر، في المنطقة المتجمدة، الخاملة. لو تعلقت بامرأة، ستكون أنت في قبضة الهناك، وهناك ليس بيدك، وأنت مستلب ومكبل، وأسير الصورة الوهمية. في الوهم حب مزيف، وحرية ناقصة، أو قد تكون منعدمة. المتطرف عصابي، تعلق بفكرة زائفة، وغير ملتزمة بظروف الواقع، الأمر الذي يدفعه لأن يفكر في الصورة، وليس في الحقيقة. أقبل الأشياء كما هي وليس كما تتصورها، من يتعلق بالصورة، كمن يغطس العصا في الماء، ويظن أنها منحنية، هو لا يرى الحقيقة، بل يرى الصورة. ما يحدث اليوم في العالم، تعلق بالصورة، والصورة شيء من المستحيل. منذ فجر التاريخ والإنسان يلهث وراء الحقيقة، ويتخيل أنها تكمن في الصورة البصرية التي تلقيها إليه العين المجردة. حاول أن تتخلص من الصورة، حاول أن تتمرد على الوهم، لأن الصورة قادمة من العين، والعين تصور الأشياء، كما هي في الخيال، وأنت معني في أن تعيش الواقع كونك جزءاً من الواقع، والذي هو من سمات وجودك، الشخص المتعلق هو كائن تثبت عند مرحلة طفولية باكرة، الأطفال يحلمون، ولحظوا كيف يفعل هؤلاء قبل النوم، أنهم يستلقون على ظهورهم، ويلوحون بأيديهم، وينسجون الصور الخيالية، مثل الشخص الناضج عندما يزوره الخيال، ويبدأ في بناء الفكرة، مثل كومة الرمل، إنها جبل ضخم، لكنه هش وسريع الهدم، الكثير من الناس يقولون: نحن قادرون على بلوغ المستحيل، هذا صحيح ولكن أي مستحيل هذا يمكن بلوغه غير الوهم. الإنسان ابن اللحظة، وما عدا ذلك فهو ليس له، إنه للوهم، وخارج الحقيقة. الإرهابي المضلل، فكر في بلوغ الجنة، فاستقل عربة الخيال وضغط على دواسة البنزين بكل ما يملك من حماقة، فإذا به يصل إلى حافة المحيط، ثم يلقي بنفسه في عمق المحيط، ظناً منه أنه يستطيع بلوغ الجنة، طالما كسر حدة المستحيل. الجنة في نظر الإرهابي، تكمن في العبور، وبالتالي لا حل غير الانتحار وقتل الآخر، بعد اليأس، وكأنه بذلك حل جدلية «هيجل « بقلب هرم الجدلية التاريخية بغباء كائن أوصله التعلق إلى طريق مسدود، لو عرف الإرهابي أن الحياة بنيت على المتناقضات، وليس المتشابهات، لاقتنع بقبول الحلو والمر، كما قبل الخير والشر، ولأنه لا حلو من دون المر، فكيف يشعر الإنسان بطعم الحلو، إذا لم يكن ذاق المر؟ وكيف للإنسان أن يسعد بالخير لولا وجود الشر.