اختتمت مباريات الجولة الأولى من كأس أمم أوروبا، ولم تبح البطولة بمعظم أسرارها، فما زال للحديث بقية والمباريات تخبئ الكثير، والشيء الوحيد الذي تأكدنا منه، ونحن نعايش أحداث المباريات الثماني، هو أن البطولة لا تزال وفية على عهدها ومحافظة على قيمتها كأقوى منافسة كروية في الأرض رغم أنف كأس العالم. الشيء اللافت للانتباه بعد مباريات الجولة الأولى، هو العقم الذي أصاب القارة التي لم تعد قادرة على إنجاب المواهب، ومنذ سنوات طويلة لم تعد أوروبا هي الأرض الخصبة التي تنبت فيها النجوم، كما كانت في السابق، وأصبحت عملية تصنيع النجم علمياً هي السائدة على حساب الموهبة الفطرية. لا أتذكر آخر نجم بارز قدمته القارة العجوز، ذلك النجم الذي يضرب بعرض الحائط كل خطط المدربين التي تخنق اللعبة، ويقدم الإضافة المنتظرة من خلال ألعاب غير متوقعة وتابلوهات تشعل جذوة الحماس لدى الجماهير، ولعل في أساليب اللعب الحديثة المطبقة والتي اجتاحت الملاعب دوراً كبيراً في نضوب هذه المواهب. ولذلك لم يكن غريباً أن يخطف الأوكراني تشيفشينكو النجومية، وهو الذي أشفق عليه الجميع، واستصعبوا عليه المهمة في قيادة بلاده، وهو البالغ من العمر 35 عاماً، ولكنه أثبت أن الدهن في العتاقي وقاد فريقه للفوز الأول وصدارة المجموعة الرابعة بهدفين يحملان ماركة “شيفا” في مرمى السويد. وفي الجانب السويدي، كان العملاق إبراهيموفيتش هو النجم الأبرز وسجل هدف فريقه الوحيد، وكان على وشك تسجيل أهداف أكثر، كما قدم الهدايا لزملائه بأناقته المعهودة، ولكنهم عجزوا عن زيارة الشباك الأوكرانية؛ لأنهم لا يمتلكون تلك الموهبة الفطرية التي لدى زلاتان، وهو الذي يقترب من ربيعه الحادي والثلاثين. نضوب المواهب ليست ظاهرة أوروبية ولكنها عالمية، فكرة القدم لم تعد كما كانت وصناع اللعبة أصبحوا يبحثون عن اللاعب الذي يقوم بمهام جماعية مع الفريق أكثر من الموهوب الذي يمتلك نزعة فردية؛ لأنه قد يتحول إلى حلقة نشاز، وقد لا تجدي موهبته صنعاً في ظل الهوس الدفاعي المسيطر على عقول المدربين في هذه الأيام. حتى البرازيل التي كانت المواهب الفطرية تظهر فيها على مدار الساعة، أصبحت لا تصدر المهاجمين أو اللاعبين المهرة، بل أثبتت أنها قادرة على تقديم المدافعين للعالم، وها هو البرازيلي تياجو سيلفا مدافع ميلان الإيطالي على وشك الانتقال إلى باريس سان جيرمان الفرنسي في صفقة يتردد أن قيمتها تصل إلى 50 مليون يورو. Rashed.alzaabi@admedia.ae