لم يعد بالإمكان القول إننا لم نتأثر بالأزمة الاقتصادية ولم تعد مقبولة تلك التصريحات المرتبكة التي صرح بها بعض المسؤولين في بداية الأزمة حول عدم تأثر شركاتهم العملاقة والرائدة بالزلزال الاقتصادي أو بتوابعه، فقد أصبح واضحاً جداً حجم الأزمة وحجم التأثر اللذين ،في أقل مستوياتهماً وتقديراتهما، دفعا ببعض الشركات الكبيرة إلى تجميد بعض مشروعاتها انصياعاً للأزمة، كما دفعا ببعضها الآخر إلى تسريح أعداد لا يستهان بها من الموظفين والعاملين الأجانب تخفيفاً من عبء النفقات·· هذه أولى النتائج التي كما أصابتنا فإنها قد أصابت أعتى اقتصادات العالم كالولايات المتحدة وألمانيا واليابان···!! ثاني نتائج الأزمة وضوحاً يمكن استنتاجه من الأخبار المتواترة والمتعلقة بتسريح شركات خاصة لموظفين مواطنين، يصفه البعض بالتسريح الجماعي بينما يقول البعض إن الأمر لا يتعدى أصابع اليدين، وأياً كان العدد فإنه لن يكون صغيراً أبداً لأن التصريح القوي اللهجة والدلالة الذي أدلى به قائد عام شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان حول عدم تعامل الشرطة مع الجهات التي تلجأ إلى تسريح جماعي لموظفيها المواطنين يقول بأن المسألة أكبر من عدد محدود، فقد بدا ضاحي خلفان في قمة غضبه وهو يهدد من يلجأ إلى هذا الأسلوب متعللاً بالأزمة الاقتصادية· إضافة لتصريح ضاحي، فإن هيئة تنمية الموارد البشرية لم تقف مكتوفة اليدين، لقد أعدت الهيئة مشروعاً رفعته إلى وزارة العمل يقيد قرارات الاستغناء عن خدمات المواطنين العاملين في القطاع الخاص ويضعه أمام وزارة العمل مباشرة، وإذن فالمسألة ليست بسيطة وليست في نطاقها المحدود، ولذلك جاءت ردات الفعل الرسمية سريعة وعالية النبرة، ولأول مرة يتم التهديد باسم المواطن لقطاع ظل ولا يزال مصادرا لغير المواطنين وبنسبة 99%!! نقرأ في تصريح الفريق ضاحي خلفان حرصاً مؤكداً ووقفة جادة لمحاصرة أزمة تلوح بوادرها في الطريق تتمثل في وجود مواطنين مسرحين من أعمالهم، يضيفون إلى ظاهرة البطالة بين المواطنين بعداً آخر أشد صعوبة، في حين أن الشركات الخاصة وبعد سنوات من التجاذب مع الحكومة والإعلام تعلم يقيناً عمن يجب أن تستغني في دولة الإمارات إذا أرادت أن تلعب دور الشريك الحقيقي والفاعل في السراء والضراء على قاعدة أن الشركاء يتقاسمون الأرباح والخسائر أيضاً، من هنا تصبح خطوة تفنيش المواطنين جملة لا محل لها من المنطق أبداً ، وبالتأكيد فإن العمالة الإماراتية يجب أن تعامل باعتبارها أهم أصول المنشآت القائمة في الدولة، على أساس أن الاحتفاظ بها والسعي لتطويرها يمثلان هدفاً استراتيجياً للإمارات· لقد استغرقت الدولة زمناً طويلاً لترسيخ مبدأ توطين الوظائف في القطاعين العام والخاص، وبذلت الكثير من المال والجهد والوقت لجعل التوطين استراتيجية عليا وهدفاً رئيساً، واستطاعت الدولة أن تفرض وجود مواطنيها داخل أروقة القطاع الخاص وفي كل المستويات، لا نتحدث عن نجاح ساحق ولا سيطرة كاملة لكننا نتحدث عن كسر (تابو) كان قائماً لعقود طويلة ظل فيها القطاع الخاص حكراً على الوافدين· ayya-222@hotmail.com