من الصعب ونحن نتابع أجندة كل موسم المزدحمة بالأحداث والمباريات والمنافسات أن نتعامل مع الرياضة على أنها سباق من أجل بطولة، أو نختصرها في فوز وهزيمة، أو حتى تدريبات بدنية للصحة والوقاية.
الرياضة بصورتها الكبيرة وقيمها النبيلة، ومفهومها الواسع تعد أحد الأعمدة الرئيسية في بناء الأمم والنهوض بالمجتمعات وتقدم الشعوب.
إنها منظومة متكاملة، تشكل الشخصية وتغرس الانتماء وتعزز صور التلاحم والتماسك. وخلال منافسات كأس العالم الأخيرة بروسيا، كانت الصور فوق وجوة الجماهير خارج الملاعب أجمل بكثير من المنافسة بين أفضل نجوم العالم داخل الملاعب، صور الترقب والانتظار والقلق والفرح والدهشة والغضب في المدرجات والشوارع.
ولكن الصورة التي توقفت أمامها طويلاً كانت من المشهد الأخير بعد صافرة النهاية، لأنها جاءت لتلخص لنا كل معاني الرياضة وتختصر الآف من الكلمات.
الملايين خرجوا في شوارع فرنسا رغم اختلاف أصولهم وألوانهم، من يحب الكرة ومن لا يحبها، من يعرف بوجبا ومن لا يعرفه، جمعتهم الكرة وألوان العلم وفرحة الانتصار ولحظة الفخر بإنجاز كأس العالم.
لا يوجد أجمل من الرياضة توقظ كل هذه المشاعر، وتوحد الملايين في نفس الوقت، حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان يقفز بكل تلقائية ليحتفل مع كل هدف لبلاده في المباراة النهائية.
فالرياضة أحد مصادر الفخر في حياة الشعوب، والاستثمار الأمثل للعبور بالأجيال إلى المستقبل.
وفي مشاهد البدايات وسنوات التأسيس بعد مولد الفكرة وقيام الاتحاد، كانت الرياضة من الركائز الأساسية فوق أجندة المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، لأنه كان يدرك جيداً رسالة الرياضة وأهميتها، ووفر كل الإمكانيات وهيأ أرضية مثالية انطلق منها الشباب لتحقيق الإنجازات الرياضية.
وقال خلال استقباله للطفل سعيد أحمد سعيد بطل العالم للناشئين في الشطرنج عام 1979: «إن التطلعات والآمال التي تعقدها الدولة على شبابها الناهض نابعة من تقدير كبير لدور الشباب في بناء دولتهم الفتية. إن نهضة شبابنا وتطورهم الفكري والبدني لهو دليل على رفع مستوى الدولة وبناء أركانها القوية».
فالشباب في رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، يمثل أحد أركان الدولة القوية والثروة الحقيقية ومحور التنمية وأساس كل تقدم، وكما قال في حفل تخريج الدفعة الأولى من طلبة جامعة الإمارات بالعين عام 1982:«أؤمن كل الإيمان أن الثروة ليست المال بل هي ثروة الرجال والأجيال والأبناء».
ونحن نحتفل بعام زايد نتوقف أمام رصيد ضخم من المبادئ والكلمات والمواقف والنصائح والمبادرات والقيم التي شكلت ملامح المستقبل ومهدت الطريق لشباب الوطن ليتعلم ويفكر ويعمل ويبني ويتقدم وينجح.
ولذلك كان من الطبيعي أن تتحول الدولة بشبابها وعقولها وإمكاناتها ومنشآتها إلى واجهة رياضية استثنائية تتعلق بها أنظار العالم في العديد من المناسبات كل عام، ما بين سباق جائزة الاتحاد للطيران الكبرى «الفورمولا- 1»، وكأس العالم للأندية، وكاس أمم آسيا2019، والألعاب العالمية للأولمبياد الخاص 2019، وبطولة أبوظبي العالمية لمحترفي الجو جيتسو، وكأس دبي العالمي للخيول.
أحداث كبيرة ومتنوعة في ألعاب مختلفة خلال فترة زمنية قصيرة، تعكس أهمية الرياضة وقوة البنية التحتية ووضوح الرؤية وحجم الإنجاز.
ولأن قادتنا بدعمهم اللامحدود وتشجيعهم المتواصل يمثلون القدوة والنموذج لكل الأجيال، حلقت مسيرة الشباب على أرتفاعات عالية في فضاء الإبداع ليس فقط في الرياضة ولكن في المجالات كافة، كما سطرت الإمارات أروع قصص النجاح في استضافة وتنظيم أهم وأكبر الأحداث الرياضية، وأكدت موقعها المتميز كواجهة حضارية تعكس رؤية الدولة في نشر مبادئ التسامح والسلام والصداقة للعالم كله.