تقول الحكمة الصينية «إن كنت تخطط لعام فتزرع ذرة، وإن كنت تخطط لعقد فازرع أشجاراً، وإن كنت تخطط للحياة كاملة فدرب الناس وثقفهم». ففي التعليم نحن نرسخ هوية الوعي، ونرسم صورة المستقبل على قماشة الحرير، ونكتب قصة الإنسان في هذا الوجود بوعي ونباهة ويقظة، ونسكب على العقل ماء العذوبة ليبدو زاهياً، مزدهراً، وتصير الحياة، مزرعة للآمال العريضة. منذ فجر الاتحاد، والإمارات ترصف طرقات الحياة بقيم العلم، وشيم المعرفة، ولم تدخر القيادة الرشيدة جهداً لأجل تنمية الإنسان وتعزيز وجوده ككائن معرفي. هذا الإيمان هو الديدن، الذي سارت على نهجه القيادة، وعلى أثره أسست مبادئها النبيلة، من أجل إنسان شريك في صناعة مستقبل الوطن، ورديف في صياغة الأمل، ومن سعي كهذا وجدت الإمارات نفسها في وسط المرونة الأخلاقية، والتي هي السبب في انفتاح الوطن على بحار العالم، ومحيطاته الثقافية. هذه الرؤية الثاقبة، وفطنة العقل هي التي منحت الإمارات قدرتها الفائقة على المرور عبر المضائق العالمية المأزومة بكل يسر وسهولة، لأن شفافية التعليم وورقة المعطى الثقافي هما الإكسير الذي ذلل كل العقبات وتجاوز المطبات. نحن في وسط العالم الثقافي، نحن في مركز الدائرة، نحن في محور التثاقف الحضاري بين الأمم ونحن في جوهر المعطى، العقائدي، ما جعل التواصل تأصيلاً لعلاقات صافية نقية لا ترتهن للأجندات المشبوهة بقدر ما تراهن على الانسجام بين ثقافات الأمم، إيماناً من القيادة أننا لسنا في زورق في بحر لجي، وحيدين، بل نحن في مركب واحد، نحن والعالم في مكان واحد هو الأرض، شركاء في الوجود وفي المصير، لا يحدنا حد، ولا يردنا رد، نحن كل في واحد وواحد في كل، ننتمي جميعاً إلى السماء الواحدة، نحن جميعاً نجومها وجدنا لكي نضيء الأرض، ولا نطفئ الشموع. ولن نستطيع إنجاز ذلك الأمل، إلا بالعلم، لأنه السراج الذي يملأ خيمة العالم بالنور، ويبعد شبح الجهل، والخرافة، والتزلق على سفوح الأيديولوجيا البائسة. الإمارات اليوم تسرد قصة الماضي للحاضر، وتكتب القصة بوفاء للذين جدلوا خصلات الوعي بتعب المناكب، ولونوا قماشة الحياة من عرق الجبين، وعلقوا الصورة نقية صافية، على صفحات التاريخ، وذهبوا ليدعوا الأمانة في أعناق من سيأتي بعدهم، والأمانة ثقيلة، وتحتاج إلى أكتاف جسورة، وضمائر لا تخفي وفاء للوطن. وهذا هو نهج الأجيال التي تسلمت الراية، إنها تمضي بصدق وإيمان، وثقة وحب، لأجل رفعة الشأن، وإنارة الصدور، بالعلم وثقافة التصالح مع النفس أولاً، ليأتي التضامن مع الآخر.