دخل علينا الصيف بكامل عنفوانه، وبطول نهاره، وبخيرات أرضنا الطيبة من الرطب وأصنافه، بالأمس القريب جذبني حديث مع أحد الأصدقاء الوافدين، وتحدثت إليه عن مدينة العين والمناطق السياحية فيها، وعن الآثار العظيمة التي تضمها، وعن طبيعتها الساحرة، وقلاعها الحصينة، التي تعبر عن تاريخ عريق، وحضارة عتيدة، وثقافة غزيرة، تزخر بمختلف أنماط الحياة المتعددة. وتذكرت وقتها قصص الآباء والأجداد عن واحات العين، وكيف كانت من أهم المناطق التي يقصدها القاصي والداني، ويعتبرونها مقيظهم الأول، ينعمون بخيراتها الوافرة، ويتظللون في واحتها العامرة، ويتسامرون مع سكانها الطيبين، فقد كانت مدينة العين مصيف لسكان جزيرة أبوظبي ودبي والمناطق الساحلية منذ القدم، ينتقلون إليها في كل عام حينما يبّشر النغال، ويودعونها بشغف وحنين بعد تزودهم ببقايا حبات رطب اليبري والهلالي. وحديثنا بدأ بسبب معرفته بأحد الإماراتيين من سكان مدينة أبوظبي، والذي اعتاد على زيارته أسبوعيا، وخلال الأيام الماضية حينما زاره فلم يجده في بيته، وبادر بالاتصال به للاطمئنان عليه فقال له: "أنا في المقيظ" ودعاه لزيارته في مدينة العين، ومن هنا بدأ مشوار صاحبنا باحثا عن منطقة تسمى "المقيظ" في مدينة العين. وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي اتصل بي ذلك الصديق الوافد، وسألني بحكم معرفته بأنني من مدينة العين عن منطقة تسمى "المقيظ"، كنت متعجباً للسؤال، وأجبته بأنه لا توجد هناك منطقة تسمى مقيظ في العين، وبعد محاولات عدة للبحث عن المنطقة التي يعنيها صاحبنا لعله ينطقها بطريقة غير صحيحة، تبادر بذهني بأنه يمكن أن يكون يقصد "المقيظ" أي الصيف، فسألته لماذا تسأل؟؟ فأجابني أنه بصدد زيارة أحد معارفه وأخبره بأنه مقيّظ في العين. فشرحت له معنى الكلمة وأخبرته بأن سكان المناطق الساحلية اعتادوا تقضية فترة الصيف في مدينة العين، وتلك عادة قديمة، حافظ عليها عدد من أبناء الجيل الحالي الذين لم يتركوا سنة أجدادهم في قضاء أوقاتهم في فصل الصيف في مدينة الواحات، ضحك صاحبنا بقهقهة عالية، على عدم معرفته بمعنى كلمة المقيظ، معتزما شد الرحال وقضاء إجازته هذا الصيف برفقة عائلته في مدينة العين ليستمتع بجمالها الطبيعي، وظلالها الوافرة. بلدنا الغالي يتمتع بمميزات سياحية عالية في مختلف المجالات، وهذه فرصة لكل منا لقضاء إجازته متنقلا بين مدن الدولة، والإطلاع على معالمها في الجوانب المختلفة، منتهزين فرصة توافر جميع مقومات السياحة، بالإضافة للتضاريس المتنوعة التي تزيد بلدنا جمالا، وتجعله أكثر تميزاً. حمد الكعبي | halkaabi@alittihad.ae