بعض الوظائف والمهام، تتحول مع الوقت إلى حياة.. تحبها لدرجة أنها تصبح كل التفاصيل، وما حول التفاصيل.. تصبح في البيت وفي الشارع وفي المجلس ومعك حتى في صحوك وأحلامك، وزملاؤك فيها يصبحون من الأسرة.. الصغيرة أو الكبيرة .. لا يهم .. يتجاوزون مسألة الزملاء، ليطلوا عليك أيضاً من كل النوافذ. هكذا كان العمل في «الاتحاد»، التي تكمل اليوم عامها الثامن والأربعين، وأُكمل فيها ستة عشر عاماً، حافلة بالحب، ولا شيء غير الحب.. ستة عشر عاماً قضيتها بين جدرانها منذ كنت خريجاً حديثاً مأخوذاً بالأسماء وبالأوراق وبالسطور.. أتذكر تلك اللحظة الأولى التي شاهدت فيها اسمي على أحد الموضوعات وأنا لا أكاد أصدق أنني أزاحم تلك القامات، وأقتنص بضعة سطور. ليست «الاتحاد» اسماً يؤرخ فقط لاتحادنا الكبير.. هي أيضاً تجسد تلك اللُحمة والتآخي والتوحد من أجل هدف واحد.. هو أن نتحد في النهاية مع القارئ، ولذا ليس بمستغرب أن تجد كل تلك المشاعر هي ذاتها ما يجول في صدور الجميع.. كلنا نقر أن أيامنا في «الاتحاد» هي الأجمل في الحياة، فما أروع أن تمتهن مهنة تحبها وسط أناس تحبهم، من أجل من تحبهم. «الاتحاد» الآن على عهدها.. تتعاقب الأسماء وتبقى هي إكسير المحبة والمودة.. تبقى هي الرمز وهي كل الأسماء.. تبقى شامخة تعلم كل من فيها الحب أولاً، وتمنحهم طاقة إيجابية تتجدد كل صباح.. تشرق داخلنا شمساً تتسلل من النوافذ في المكتب وفي البيت. من هنا مر كثيرون.. ما زالت أصداء أحاديثهم تتردد في أركان الجريدة، وتسكن المكان.. هنا حيث تختلط جلبة المحررين بصوت المطبعة القادم من بعيد، بصوت محمد الحمادي رئيس التحرير الذي تناغم مع «الاتحاد» تاريخاً وواقعاً، فأصبح رب الأسرة الذي يعرف حاجة كل فرد فيها.. يدير بالحب، وربما لذلك - هو خلاف كثير من المسؤولين في أية هيئة - لا تكتمل البهجة إلا به.. المسؤول دوماً يعني الانضباط والوجه العابس، لكن الحمادي يسري في أركان جريدتنا سريان الماء.. يراهن دونما حدود على الإبداع، وتصل رسالته من أجمل الطرق. كل عام وجريدتي بخير.. كل يوم ونحن معاً كما اعتدنا دوماً.. كل لحظة ونحن ننظر إليك أنت قارئنا العزيز .. نحاول أن نعرف ما تريد، ولا نستريح إلا عندما نلبي مطلبك.. كل عام واتحادنا الكبير شامخ وكبير، و«الاتحاد» منارة الإعلام في طريق الوعي تسير. ** كلمة أخيرة: لا شيء بإمكانه تحقيق النجاح .. مثل عمل يدار بالحب