سلامة مواطنة إماراتية شابة، تخرجت منذ عام تقريباً من جامعة الإمارات العربية المتحدة تخصص فيزياء عامة في كلية العلوم، حكايتها ليست جديدة لكنها في سياق آخر تستحق أن تروى، ألا وهو سياق الحديث العالي عن الهوية والتوطين وتمكين المرأة، في هذا السياق نحكي قصة سلامة علّها تفتح نوافذ من أمل لكثيرين وكثيرات لا يختلفون عنها في المجمل والتفاصيل· في شهر يناير من عام الهوية 2008 تخرجت سلامة، ومباشرة ذهبت لتقديم أوراقها لمؤسسات ووظائف تناسب تخصصها وكالعادة لم يكن طريقها معبداً بالرياحين، واجهت الكثير من الصعوبات والعراقيل التي وقفت أمام رحلتها للحصول على وظيفة لكنها لم تيأس فقد سمعت منذ صغرها أن العمل حق من حقوق المواطن المكفولة بقوة الدستور لذلك قدمت في أغلب إمارات الدولة ابتداءً من الشارقة وبالأخص الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء بمنطقة الذيد حيث حملت أوراقها إلى هناك باعتبار الفيزياء قاعدة الكهرباء الأولى لكن صدمتها كانت كبيرة، لا يهم فالحياة لا تمنحنا الدروس الكبرى مجاناً!! لقد استغرب المسؤول هناك أن خريجة فيزياء تفكر في العمل بهيئة الكهرباء، حيث يعتقد السيد المسؤول أن خريج الفيزياء لا مكان له في هذه الهيئة، وليس هذا المسؤول وحده فلا شك أن كثيرين غيره سيقولون لسلامة العبارة نفسها لأنهم لا يدرون أساساً ما هو علم الفيزياء وما مدى قيمته في خدمة الكثير من المجالات، ما كان يدفع سلامة للقهر أنها تملك إثباتات وأدلة تدل على أنها درست الكهرباء ودرست ساعات عملية في مختبرات خاصة بهذا المجال ودليلها مثبت في خطتها الدراسية· في نفس اليوم كانت سلامة تطرق أبواب المدير في دبي وبالرغم من عرقلة البعض لها ومنعها من الدخول إلا أنها دخلت عليه بعزيمة صلبة وقدمت له أوراقها وشرحت موقفها أيضاً، لم يخيِّب المدير أملها بل حوَّلها للموظف المختص واعداً إياها بالرد السريع وهذا ما حصل بالفعل، لكن العراقيل بدأت منذ لحظة تحديد المقابلة، حيث اتضح أنه لا مكان شاغراً للفتاة في منطقة قريبة منها إلا بعد 4 سنوات· انتهى المشوار الأول إلى طريق مسدود وبدأ الثاني مع دائرة الصحة، قدمت أوراقها بالفعل وتم تسجيلها بشكل فعلي على موقع الدائرة الالكتروني أكثر من مرة، وقد مرّت سنة على التقديم دون أن يرد عيها أحد بأي رد سلباً أو إيجاباً!! رحلتها الثالثة كانت في هيئة الطرق والمواصلات، وكالعادة حملت أوراقها وقدمتها بالشكل الرسمي المعتاد ففوجئت بهم يرسلون لها رسالة نصية في اليوم التالي يخبرونها بأنه لا وجود لشاغر يناسب مؤهلاتها العلمية علماً بأن الفيزياء لها علاقة في هذا المجال !!!· أخيراً وبعد أن سدت في وجه سلامة جميع الأبواب توجهت إلى التربية والتعليم وتمت مقابلتها ونجحت في المقابلة وكانت الأولى على الدفعة السنة الماضية ولكن اسمها أدرج في قائمة الانتظار وكانت على أمل بأن توظف في إحدى المدارس القريبة ولكن لا شاغر أيضاً!! الشيء الأخير الذي حاولت فعله سلامة ولم تنجح فيه أيضاً هو تقدمها للتطوع في إحدى العيادات التابعة لأحد المستشفيات الكبيرة في إمارة دبي، لكن طلبها قوبل بالرفض لأنها من إمارة أخرى غير إمارة دبي!!! لقد عانت سلامة كي تجد وظيفة لكنها لم تجد سوى السراب والآن هي تعاني كي تجد مكاناً تتطوع فيه كي لا تغرق في اليأس وأيضاً لا تجد!! ayya-222@hotmail.com