استقر الشاعر لبيد بن أبي ربيعة في الكوفة بعد إسلامه، حيث وافته المنية قرابة نهاية عهد معاوية (660 ميلادية) في سن 157 سنة كما يذكر ابن قتيبة أو 145 كما ورد في الأغاني، تسعون منها في الجاهلية وما تبقى في الإسلام. أرسل حاكم الكوفة يوماً في طلب لبيد وسأله أن يلقي بعضاً من شعره، فقرأ لبيد (سورة البقرة) وقال عندما انتهى "منحني الله هذا عوضاً عن شعري بعد أن أصبحت مسلماً"، وعندما سمع الخليفة عمر بذلك أضاف مبلغ 500 درهم إلى 2000 درهم التي كان يتقاضاها لبيد، وحين أصبح معاوية خليفة اقترح تخفيض راتب الشاعر، فذكره لبيد أنه لن يعيش طويلاً، وتأثر معاوية ودفع مخصصه كاملاً، لكن لبيد توفي قبل أن يصل المبلغ الكوفة. كان الشاعر لبيد بن ربيعة جواداً شريفاً في الجاهلية والإسلام، وكان قد آلى في الجاهلية أن يُطعم ما هبتِ ريح الصبا، ثم أدام ذلك في إسلامه، وكانت له جفنتان يغدو بهما ويروح في كل يوم على مسجد قومه فيطعمهم، ونزل لبيد الكوفة، وأميرها الوليد بن عقبة، فبينما هو يخطب الناس إذ هبت الصبا، فقال الوليد في خطبته على المنبر: قد علمتم حال أخيكم أبي عقيل، وما جعل على نفسه: أن يُطعم ما هبّت الصبا وهذا يوم من أيامه. وقد هبّت ريحها فأعينوه، وأنا أول من فعل. ثم انصرف الوليد، ليبعث إليه بمائةِ من الجرز، وبهذه الأبيات: أرى الجـــــــزار يشحذُ شفرتيه إذا هبّت ريــــــــاح أبي عقيلِ أشمُّ الأنف أضيدُ عامــــــــري طويـل الباع كالسيف الصقيلِ بنحر الكـــــوم إذ سحبت إليه ذيـــــــول صَبا تجاذبُ الأصيلِ فلما وصلت الهدية إلى لبيد شكره، وقال: إني تركت الشعر منذ قرأت القرآن، ثم قال لابنته: أجيبيه، فلعمري لقد عشتُ دهراً وما أعيا بجواب شاعر، فقالت: إذا هبت ريـــــــــاح أبي عقيل دعـــونـــــا عند هبتها الوليدا أشـــــــمَّ الأنف أصيد عبشميا أعـــــــــــان على مُروءته لبيدا بأمثــــــــال الهضاب كأن ركْباً عليها مــــــــن بني حام قُعودا أبا وَهـــــــــْبِ جزاك الله خيراً نحرنـــــــاها وأطعمنا الوفــودا فعُذ، إن الكـــريم لــــــه مَعادٌ وظني بابـــــــن أروى أن يعودا فقال لبيد: أجَبتِ وأحسنتِ، لولا أنكِ سألتِ في شعرك، قالت: إنه أمير وليس بسُوقة، ولا بأس بسؤاله، ولو كان غيره ما سألناه! قال: أجل، إنه على ما ذكرت، وأنتِ يا بنية في هذا أشعر! Esmaiel.Hasan@admedia.ae