مثلي مثل غيري، أتابع النتيجة التي ستصل إليها التحقيقات في قضية فضيحة التنصت على الهواتف والمتهم فيها صحيفة “نيوز اوف ذا ورلد” في بريطانيا، وهي القضية التي هزت عرش قطب الإعلام روبرت مردوخ، وطعنت صدقية الإعلام البريطاني في الصميم بكشفها عن اتباعه لممارسات غير مشروعة. هذه القضية لمن لم يتابعها تعتبر أكبر فضيحة تتعرض لها وسيلة إعلامية، بل هي أم الفضائح الإعلامية، حيث لم يسبق قط وأن تابعنا تعرض وسيلة إعلامية إلى فضيحة بهذا الحجم من قبل. لقد كانت هناك على الدوام بعض الفضائح الإعلامية التي تحصل بين فترة وأخرى، ولكنها كانت محدودة وتتعلق بحالات فردية، مثل نشر معلومات خاطئة وعدم تحري الدقة في بعض الأخبار وفي أسوا الأشكال كتابة مواضيع غير حقيقية. جميعها لم تصل إلى هذا الحجم المدوي الذي وصلت إليه هذه الفضيحة، والتي أدت لغاية الآن إلى إغلاق الصحيفة وإلى الأبد، واستقالة قائد شرطة لندن ونائبة بعد ثبوت تخاذل الشرطة في التحقيق في القضية عندما انكشفت خيوطها لأول مرة قبل سنتين، وقطع رئيس الوزراء البريطاني زيارة رسمية لأفريقيا، وتمديد عمل البرلمان لمناقشة القضية، والمطالبة في أميركا بفتح تحقيقات مماثلة للتأكد من عدم حصول الأمر نفسه هناك، واكتشاف الصحفي الذي فجر القضية ميتاً في مسكنه. تفاصيل تصلح لحكاية فيلم بوليسي من الدرجة الأولى، ولا نستبعد مع الأيام أن نراها في فيلم هوليودي لأن تفاصيلها المثيرة والصادمة تفوق قدرة خيال أفضل الكتاب، وبصرف النظر عن حجم الإثارة فإن ما يهمني في القضية كشفها عن جانب خفي من جوانب الإعلام الغربي والعالمي، تتعلق بالممارسات غير المشروعة في سبيل الحصول على المعلومات بأي ثمن.القضية لا تتوقف على الصحيفة التي تم إغلاقها وحسب ولكنها تطال قطاعاً واسعاً، حيث يسري اعتقاد راسخ بأن فضيحة “نيوز أوف ذا ورلد” تمثل قمة رأس جبل الجليد فقط وما خفي تحتها كان أعظم، والفرق الوحيد بينها وبين الكثير من وسائل الإعلام الأخرى أن الصحيفة تم ضبطها بالجرم المشهود، بينما البقية لم يضبطهم أحد لغاية الآن. لذلك من الممكن أن نتائج التحقيقات في هذه القضية في حال اكتملت، أن تغير من مجرى عمل هذا القطاع بشكل جذري في المستقبل، لكن مهما كانت نتيجة التحقيقات التي ستظهر في النهاية، فإن هذه القضية سوف تساهم في إسقاط القناع الوردي الموجود عند معظم الناس عن الإعلام الغربي والبريطاني بالذات، ووصفه بأنه إعلام نزيه وحر ولا يخشى في الحق لومة لائم. Saif.alshamsi@admedia.ae