‏لكي تحصل على المال.. عليك بالعمل، ولتحصل على العلم.. عليك أن تجتهد، ولكي تحصل على أغلب النعم المحيطة بك.. عليك القيام بجهود لتحققها. ولكن وخلال رحلتنا في الحياة تمر علينا نعم كثيرة لا يدركها أي كان، يتعامل الناس مع وجود بعضها كأمر حتمي وطبيعي، بل إن بعضنا لا يلحظها رغم أن كل ما هو موجود يترتب عليها أساساً؛ كنعمة الأمن. في سلم أولويات الحاجات الإنسانية تأتي الحاجة للأمن في المرتبة الثانية بعد الحاجة للبقاء؛ ويعني المفهوم الإنساني للأمن تلك القدرة على العيش في محيط يضمن فيه الفرد سلامته الجسدية من العنف والاعتداء، وسلامة ممتلكاته من السرقة والتخريب، وأمن محيطه بما يضمن أمنه النفسي. المثير فعلا في سلم الاحتياجات الإنسانية- خصوصا الذي وضعه «ماسلو» ويعتمد على التراتبية في بناء الحاجات- أن كل الحاجات تعتمد على توافر عنصر الأمن والأمان، سواء الحاجات السابقة لها أو اللاحقة، على سبيل المثال من أول الحاجات الفسيولوجية التي توفر عنصر البقاء للإنسان هي الحاجة للغذاء، ولكن كيف للإنسان أن يوفر طعامه لنفسه إذا لم يكن آمنا في رحلة بحثه عنه.. وهكذا. فما بالك بالحاجات اللاحقة كالحاجات الاجتماعية والتواصل وحاجات التقدير وحاجات تحقيق الذات، التي يبدو الحديث عنها نوعا من العبث في حالة عدم توافر الأمن الذي لا يمكن ان يوجد بالصدفة او بالعادة، بل يحتاج إلى نوايا وقدرات خاصة لإيجاده، وإلى جهود وسهر رجال لتحقيقه. منذ أسبوعين، تصدرت دولة الإمارات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نتائج التقرير السنوي لمؤشر سيادة القانون، وذلك لتطبيقها معايير عالية في عدد من العوامل اهمها السيطرة على الجريمة وحل الخلافات مدنيا وعدم لجوء الناس للعنف في حل مشكلاتهم، وغيرها من عوامل تحقيق الأمن. كثيرون لم يتوقفوا عند هذا الإنجاز، باعتباره تحصيل حاصل، رغم كون ما يترتب عليه هو ما يمكن اعتباره حصيلة طبيعية لوجوده. ففي الحياة هناك مكتسبات لا يعرف قيمتها إلا بفقدها كالأمن؛ ولأننا نعيش في وقت يعاني الكثيرون ممن حولنا فقده، يجب أن ندرك معنى أن نكون قادرين على المضي في يومنا آمنين على أجسادنا وممتلكاتنا، وما يعنيه ذلك من أمان نفسي يجعلنا نصل لسلم احتياجاتنا الإنسانية. ‏