لا يموت الشهداء، وإنما هم أحياء عند ربهم يرزقون، هؤلاء الذين قدموا الأرواح، رخيصة في سبيل حريَّة الإنسان، ومن أجل عافية الأوطان، هؤلاء هم جند الله الذين يواجهون الموت ببسالة، لأنهم آمنوا أن الحرية لها باب لا يطرق إلا بالدم، الدم الزكي الذي يزف أصحابه إلى جنّات الخلد لأنهم ما رضوا بالظلم، ولا قبلوا بانتهاك حرية الإنسان، ولا استكانوا لعدو أراد أن يبطش ويهلك الزرع والضرع، ويبيد حقوق الإنسان تحت ذريعة أفكار سوداوية ومشاعر طائفية، وطموحات أنانية ومِلَلْ لا تخدم إلا من أراد الشر للإنسانية. الكعبي والفلاسي، وغيرهما من رجال عاهدوا الله على أن يصونوا المبادئ الإنسانية، وأن يحاربوا القهر والعدوان أينما كان، فأرض الإنسان هي من أقصى إلى أقصى البسيطة، ولا فرق في شر يعبث هنا أو هناك، فهو شر ولا بد من قطع دابره، والقضاء على أصله وجذره، وإفشال مخططات كل من يريد المس بكرامة الإنسان، وكل من تأبط شراً ليحيق بالبشرية ويهلك نسلها وأصلها. قرار القيادة الرشيدة في ردع العدوان عن اليمن الشقيق جاء من جذور مبادئ هذا البلد ومن قيم الإنسان على هذه الأرض، فالذين استولوا على الإرادة في اليمن، هم كائنات خرجت من جحور البغضاء والتفرقة أرادوا أن يصير اليمن شجرة جرداء لا تؤمها إلا الغربان، ومن في أجنحتهم ريش بلا ألوان، لذلك فإن التضحية من أجل تحرير اليمن، هي تضحية من أجل المبادئ السامية، فالذين يعادون الإنسان هم أعداء الله (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ...)، وأبطالنا اليوم، في ساحة المعركة، يقدمون أنصع البطولات، والكعبي والفلاسي، مثالان، لأولئك الذين يواجهون الشر، بفوهات التحرير، وهم بعيدون عن أهلهم وذويهم تحت سماء سقفها يد الله، العلي القدير، يؤيدهم بنصرة، ويؤازرهم بقوته لأنهم يناضلون هناك من أجل الحق، وإرساء الحقيقة، ومن أجل أن يعود اليمن الشقيق مشافى معافى من أي درن أو حزن.. الكعبي والفلاسي، بطلا معركة تحرير عدن، شهيدا الإنسانية وهما مثالان ناصعان يرسخان قيم العدالة، وينحتان في صفحات التاريخ اسم الإمارات شجرة طيبة جذرها في الأرض وفرعها في السماء.