أتمنى أن تتبنى جهة إنتاجية لرمضان المقبل عملاً درامياً يتناول أوضاع خادمات المنازل في دول الخليج، فهذه الظاهرة على شدة تغلغلها في حياة الأسرة الخليجية، ورغم كثافة الأخبار والحكايات بل وأحياناً الأساطير التي ترشح عنها يمكننا القول بأنه ما من موضوع يجتمع عليه الخليجيون اتفاقا ومعاناة قدر موضوع مشاكل وكوارث خادمات البيوت، أو اللائي يستحب البعض تسميتهن بالعمالة المساعدة، ولا بأس في التسمية وفي رقي المعاملة وإنسانية السلوك، ولكن الموضوع أصبح واسعاً كالخرق الذي اتسع على الراتق!
أهمية الموضوع تكمن في أهميته لمعظم الأسر في بلادنا، فما من أسرة خليجية إلا ولها مع هذه الفئة حكاية من نوع ما، ولنتفق أولا على أمرين جوهريين: أولهما أننا لا نكتب تعنتاً أو تحاملاً على كل عاملات المنازل، فهناك من بين هؤلاء من ترفع لها القبعة لأمانتها وحرفيتها وأخلاقها العالية ووفائها لمخدوميها، وثانياً أننا لا نبرئ عائلات وأفراداً عديدين من بيننا يعاملون هؤلاء العاملات بما لا يرضي الله ولا القانون، فيكلفونهن فوق ما يطقن، ويتعدون عليهن بالضرب لأسباب تافهة، وأحياناً قد يحرمونهن من رواتبهن لفترات طويلة وقد تسول لبعض ضعاف الأخلاق من الرجال نفوسهم التعدي عليهن أو التحرش بهن، هذه أمور تحدث ولا ننكرها، لكننا هنا بصدد الحديث عن عموم الظاهرة وليس خصوصية الحالات.
في ملف هذه الفئة موضوعات رئيسة أولها هروب الخادمات تحت ذرائع واهية، وفي أوقات قاتلة، وبالتعاون والتآمر مع جنسيات محددة من الرجال يعملون على الطواف بين أحياء المواطنين، وترصد الخادمات عند خروجهن والبدء في تزيين الهروب بدعوى وإغراءات الرواتب العالية والمنازل المريحة والامتيازات المنتظرة، وفي النهاية يتضح أن هؤلاء ليسوا سوى عصابات يشتغلون في تهريب الخادمات وإجبارهن إما على العمل بالساعة في شقق وبيوت في إمارات أخرى أو العمل في الدعارة أو السرقة، حتى الوقوع في يد رجال الأمن.
ثاني الملفات هو ما يتعلق بظاهرة التمارض ورفض الخدمة تحت ادعاءات صارت مكشوفة: أبي توفي، أمي مريضة وعلى حافة الموت، ابني صدمته سيارة، أختي .. زوجي رمى أولادي في الشارع... ويبدأ البكاء والنواح ولابد أن تتكلف العائلة مجدداً أعباء التسفير وتذكرة سفر واستقدام خادمة جديدة، إضافة لكل تلك النفقات التي دفعت عند استقدامها دون أدني مردود يذكر، هذه الحالة لم تجد حتى اليوم أي مخرج قانوني يحمي حقوق الأسرة أو الشخص الذي يستقدم الخادمة، بينما تحصل هي على كافة حقوقها، وفوائد النصب الذي تقوم به، وتبقى الغصة في حلوق الأسر التي لا تملك أمام إجراءات ومطالبات القانون إلا “لا حول ولا قوة إلا بالله”.
لابد من تقنين العلاقة بشكل أكثر إنصافاً، لابد أن تحوي العقود شروطاً جزائية ملزمة لكلا الطرفين، فلا يجوز أن يكون مستقدم الخادمة هو الطرف المتضرر في كل الأحوال، لابد من إشراك مكاتب استقدام العمالة في المسؤولية فقد ثبت أن بعضها متورط في تهريب الخادمات، كما لابد من إشراك سفارات بلدان الدول المصدرة للعمالة في إقرار شروط وبنود جزائية عند عدم الالتزام بمدة العقد أو الهروب أو التهرب..
في البيوت قصص ومآسٍ لو أننا فتشنا فيها لأمكن إعداد عمل درامي مهم، سيحظى بنسبة مشاهدة ونسبة إعلانات لا حدود لتدفقها.


ayya-222@hotmail.com