اليوم، وبعد مرور عدة سنوات على قرار بلدية مدينة أبوظبي نقل الكثير من محال المهن الحرفية التي تقدم خدمات ضرورية للسكان من داخل المدينة إلى خارج الجزيرة، أعتقد أننا بحاجة لمراجعة القرار واستعراض سلبياته وإيجابياته، وما ترتب عليه في إطار حرص البلدية على الشفافية التي تؤكد عليها خلال ملتقياتها مع الأهالي حرصا منها على تقديم أرقى الخدمات البلدية والحضرية وفق أفضل الممارسات الحضرية.
عندما اتخذت البلدية هذه الخطوة أعلنت عن توافر بدائل عدة خاصة بتلك الخدمات الحرفية البسيطة، إذ لا يعقل أن يضطر صاحب المنزل لأن يتوجه من داخل المدينة إلى المنطقة الصناعية لجلب كهربائي لإصلاح إضاءة البيت أو إحضار نجار أو فني تمديدات صحية وغيرها من الأمور المنزلية البسيطة، ومن تلك البدائل تشجيع الشباب وشركات القطاع الخاص على تبني فكرة سيارات الخدمات الحرفية الجوالة والتي يمكن طلبها لتعويض انتقال المحال، ولكن الفكرة لم تنتشر واقعيا بالصورة المطلوبة.
ولولا أن شركتنا الوطنية «أدنوك» وفرت محطات «أوتو سيرف» وأقساما فنية ضمن محطاتها، تقدم خدمات الإصلاح البسيطة للسيارات لكنا في رحلات مكوكية إلى منطقة المصفح عند أبسط الاحتياجات، بما في ذلك فحص إطارات المركبات.
ترتب على ذلك القرار ازدهار أعمال الفنيين «الجائلين» الذين تزخر بهم صفحات المطبوعات الإعلانية التي توزع مجانا، ويضطر الناس للاستعانة بهم من دون أن يعرفوا مدى كفاءتهم أو سلامة الأعمال التي يقومون بها، والتي لا يدفع ثمنها غاليا سوى السكان عندما تتسبب تلك التمديدات الخاطئة في حوادث لا تحمد عقباها، والذين تحذر منهم «الدفاع المدني». كما أن أسعار خدمات أولئك «الفنيين» تضاعفت بصورة مبالغ فيها، وتمثل عبئا على الناس.
إلى جانب النقاط التي ذكرناها فعلى الأقل مراجعة القرار يمكن أن تسهم في التخفيف من حدة الاختناق المروري والتكدس عند الطرق المؤدية للمنطقة الصناعية، والمعروفة بمحدودية المداخل والمخارج التي تكتظ مروريا، وبالذات خلال ساعات الذروة. بينما يمكن للبلدية الاستفادة من منطقة الميناء ذات التمدد الأفقي، وحتى تخصيص أماكن في منطقة سوق الميناء لاستيعاب مقدمي مثل تلك الخدمات الضرورية، بدلا من ترك الساحة لتلك العمالة السائبة غير المؤهلة وما تتسبب فيه من مشاكل نحن في غنى عنها، مع تقديرنا لمبادرات بلدية أبوظبي لإسعاد المتعاملين وتوفير خدمات بلدية عصرية.