هكذا يبدو البعض، مثل أزهار الربيع بعد هطول المطر، لها رائحة الفرح، تزهو مثل الرفرفة عندما يكون النسيم عليلاً، ويكون الفضاء حديقة غناء، مزدهرة بالحب.
هكذا يبدو البعض، مثل قصيدة تنثر الكلمات، كما هي زعانف أسماك مشاغبة، تلهو بأجنحة الموجة، ولا تعبأ بصنارة الغدر، هكذا يبدو البعض، منسجماً مع وشوشة الموجة، ولا يصغي إلى الضجيج، يغني للحياة، ولا تطفو على مياهه طفيليات أزمنة الخيال المريض، هكذا يبدو البعض يهز جذع الأحلام السخية، فتمطره بجني ثري، ولا يدنو من غابة التوحش، لأنه آمن بأن الحياة خيط حرير، إن نسجته بعناية النبلاء أنتج قماشة وعيك بجدارة واقتدار، ولن تقترب منك الأظافر المتسخة، ولن يسيئك، جزر البحر، ولا طوفان تسونامي، لأنّك في مأمن، لأنك في الحصن الحصين، لأنك في يومك الناصع الرزين.
هكذا يبدو البعض، لهم طنين الذبابة وهي تهم بنقر طبق الحياة الخاوي، فلا تجد غير لعنة الساخطين.
هكذا يبدو البعض نقطة التقاء أخدودين، أحدهما أشعث، والآخر أحرش، فلا هو في الماء ولا هو في اليابسة، أنه في منطقة الفراغ، هو في مكان المنزلق، عند الهاوية، هكذا البعض كاره إلى حد الثمالة، ناقم إلى حد الهلاك، حياته ملأى بالإدانات، وقلبه وعاء ممزوج بحنظل، ورأسه قشة على ظهر موجة عارمة. وبعض من بعض، بعض من كل، يسرج خيول مذاق الزنجبيل، ويضمخ الحياة، بعبق البقاء البهي، يخصب أرواح الناس، بلقاح الفرح، له ابتسامة النجمة، ووجه الموجة، له أعطاف النخل الباسقة، ورونق الغاف، بخصلات العيد، في صباحات ترتدي ثوب الأمل، ولا تحثو، ولا تكبو، ولا تخبو، ولا تجثو، إنه الكون عندما تكون غيماته رموش حسناء متجلية بملامح الجدل، أنه الزمن عندما تكون لحظاته كما هي عرفانية صوفي، صام واعتصم، وابتسم لوجه السماء، ثم تولى يلون الأرض، بنقش خطوات ما زلت، ولا خلت، ولا مالت إلى غي، ولا هوى.
هكذا يبدو بعض الكل، سقف عنده تستظل الأفئدة، وتنام الطيور عند أفيائها، وتستقر الأجنحة، هكذا يبدو بعض الكل هفهافاً هيافاً، منيفاً، عفيفاً، في مدارات المكان، لا يهفو ببغض، ولا يسهو بغضب، أنه نقطة الضوء في خيمة الأقربين، والأبعدين، أنه حلم بمشاعر الطير، أنه نبل بجوانح الأصفياء، أنه مثل فنجان قهوتك العربية، يرشفك معنى الصباح، ويسقيك طعم الندى عند إشراقة الوريقات في قلبك، ويمضي بك إلى النهار، وأنت في أتم الوعي، بأن الحياة هي نقطة التقاء رافدين من الابتسامة.