في مقالي السابق أشرت إلى تدنّي قيمة المثقف المبدع المواطن في وطنه، في مؤسسات الثقافة والإعلام الوطنيين بتعدد أنواعها. ففي الصحافة إذا نشر مثقف مواطن بعض نتاجه الأدبي لا تدفع له مكافأة لأنه مواطن ثري في دولة تفيض بالنفط والثراء، فلا يحتاج بسببهما إلى مكافأة مادية من قبل مؤسسات وطنه الثقافية والإعلامية. ولقولي هذا شواهد كثيرة منها: 1- نشرت لي قصائد ومقالات كثيرة في صحف وطنية، وأجريت لي مقابلات صحفية عبر أزمنة متعددة ولم أنل عليها أية مكافأة مادية. 2- كلما اتصلت بي محطة فضائية أو محلية في وطني لعمل مقابلة، أسأل عن المكافأة، فيأتي الرد: أن لا مكافأة لأنني مواطنة! وحين أعترض وأشترط وأطلب مكافأة بقيمة معينة يأتي الرد: «نحن لا ندفع مكافأة للمواطنين»! وحين أسال لماذا يأتي الرد: لأنكم تقدمون خدمة ثقافية واجتماعية لوطنكم! 3- مرة نشرت لي قصيدة أو مقالة ـ لا أتذكر الآن ـ في مجلة ثقافية إماراتية. وحين رأيت المقال وجدت أنهم كتبوا تحت اسمي الشاعرة البحرينية. فاتصلت بالمسؤول الثقافي وقلت له لماذا كتبت تحت اسمي الشاعرة البحرينية وليست الإماراتية؟ قال لي لو كتبت الإماراتية لما دفعنا لك أية مكافأة مادية على المقال! 4- مرة كنت أجلس في مقهى في إحدى دول القومية العربية مع بعض المثقفين الذين ينتمون إلى دول الثقافة والحضارة على حد تعريفهم وتمييزهم، فجرى الحديث عن بعض أدباء ومثقفي الخليج فقال أحدهم بلهجة لا أود ذكرها: إن الثقافة والإبداع في الخليج لا تقاس إلى إبداع مثقفي الدول العربية الأخرى. فقلت باستغراب لماذا؟ فقال لأنكم مترفون ودولكم غنية، كما أن دولكم تفتقر إلى العمق الثقافي والحضاري الذي يميز دولنا! 5- ومرة أيضاً قال لي صحفي من دولة عربية إن ثقافة الخليج ليست ذات قيمة إبداعية مميزة. فقلت له لماذا؟ قال لأنكم شبعانين. فقلت له: إذا كانت قيمة الإبداع يحددها منطقك كهذا فإن أكثر من ثمانين بالمئة من شعبك ينبغي أن يكونوا شعراء ومبدعين. قال: نحن لسنا جوعى. قلت: عفواً، لكني أرد عليك وفق منطقك. 6- بين يدي الآن تقويم 2012م الذي أصدرته مؤسسة العويس بمناسبة يوبيلها الفضي. يحتوي التقويم على صور وأسماء الفائزين بجائزة العويس منذ دورتها الأولى (1988 ـ 1989) يتضمن 71 فائزاً بالجائزة منهم 5 نساء فقط و8 من دول الخليج فقط ليست بينهم امرأة خليجية. وليس بين الخليجيين إماراتي سوى واحد فاز تكريما لجهوده بإقامة مؤسسة ثقافية تعنى بجمع التراث الثقافي. ورغم كثرة الشعراء والروائيين الإماراتيين لم يفز واحد منهم بجائزة المؤسسات الثقافية الوطنية التي تكرس جهودها وأموالها لدعم الثقافة وتكريم المبدعين، كما لو أن المبدعين الإماراتيين لا يقاس إبداعهم بمستوى إبداع المثقفين في الدول العربية الأخرى! وهنا لا ينبغي لمن يقرأ هذا المقال أن يعتقد أنني ذات نزوع تمييزي عنصري أو قومجي وفق التعبير الشعبي الدارج، ولكن أقول إن من حق مبدعي الإمارات الفوز والتكريم، على الأقل وفق المثل السائد (الأقربون أولى بالمعروف).