في فيلم مستوحى من قصة «الليدي ديانا»، لفتت انتباهي كلمة قالتها «ديانا» أو الممثلة التي قامت بدورها «ناعومي واتس» حينما سألها صديقها كيف يمكن أن يتواصل معها، مستحضراً مهابتها، والحرس الملكي الذي يحيط بها، والـ«برتوكولات»، فقالت له، ببداهة: «إنني أملك جهاز هاتف محمول مثلي، مثل غيري»! لقد ظلت تلك العبارة مستقرة في رأسي، كلما رأيت أو التقيت بشخصية رسمية، مرموقة، مشهورة، ولا أدري، لما تذهب عيناي مباشرة إلى ما تحمله يده من هاتف نقّال لا لشيء، غير أنه الفضول المعرفي، وقراءة ما يوحي به السبر في الشخصية، قد تعجبون أن معظم الذين شهدتهم أو التقيت بهم، كانوا يحملون أجهزة متواضعة، وزهيدة السعر، وغير معقدة، ورنّاتها كما زودت به من المصنع، والشاشات عادة رمادية، ولا خلفيات مصطنعة، كما يفعل الكثير من الناس، هؤلاء الرؤساء أو الأغنياء أو المشهورون، مرات كثيرة، ودك أن تعرف رنّة نقالهم، فتصطدم بتلك الرنة المعدنية المسجلة لـ«نوكيا» مثلاً، مرات تقول: هل يرمون بالرسائل، في سلة المهملات بأنفسهم؟ هل يتخلصون من بعض البرامج من على سطح المكتب، لكي لا تفضى البطارية بسرعة؟ في ساعات مرحهم كيف تكون الرسائل التي يبعثونها للآخرين، هل يستعملون إشارات الفرح والغضب والضحك والدهشة؟ هل يتصلون بالغلط، ويتفاجأون بالشخص الآخر يرد عليهم بغضب، وعدم تسامح، ؟ ترى كيف هي فواتيرهم المفصلة، هل يتركون أولادهم وأحفادهم يعبثون بهواتفهم، وينزّلون عليها ألعاباً يحبونها؟ ماذا لو كتب أحد الأحفاد عابثاً، يعاتب جده على هاتفه، أنه زعلان منه، وضغط على الزر، وبقدرة قادر تم إرسالها إلى أحد الوزراء المُخًزّن اسمه في الذاكرة، وبسبب حظه، ولأن أسمه فقط يبدأ بحرف الألف؟ وحده الوزير ظل «يحاتي، ويقاسي»، وقد عجبت فرحاً أن ملكة بريطانيا «الجدة» تلتقط «سلفي» مع أحفادها، في خروج عن انضباطية البروتوكول الملكي، وأظن أن هواتف رؤساء أميركا تبقى من ضمن أسرار الأمن القومي، وتفتت بعد كم من استعمال، أو يمكن أن تكون للاستعمال مرة واحدة، وترمى، كثير من المشاهير تعرضوا لسطو قراصنة التكنولوجيا، ونبشوا ما فيها، و«برلسكوني»، ما جاب آخرته السياسية إلا كثرة هواتفه، ومكالماته الليلية، لكن هل يتم تغيير هاتف الرئيس المخلوع، أو يتغير رقمه المميز؟ وهل يظل هناك من يهاتفه في خريفه الدبلوماسي الرمادي؟