الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أحمد منور: الأدب الجزائري تميَّز بالرواية دون غيرها

أحمد منور: الأدب الجزائري تميَّز بالرواية دون غيرها
22 سبتمبر 2007 00:21
أحمد منور أستاذ الأدب بجامعة الجزائر، كاتب قصة ومسرحية وناقدٌ ومترجمٌ، نشر العديد من الأعمال والدراسات في المجالات المذكورة، كما أنه متخصِّصٌ في الأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية، صدر له مؤخرا في هذا المجال عن ديوان المطبوعات الجامعية كتاب بعنوان ''الأدب الجزائري باللسان الفرنسي: نشأته وتطوره وقضاياه''،ألتقيناه أثناء ندوة أدبية بالمكتبة الوطنية الجزائرية أسهم فيها بمداخلة حول آخر رواية صدرت للأديبة زهور ونيسي، وحاورناه حول موضوع كتابه الأخير لا سيَّما وأن ''هوية'' الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية لا يزال مثار جدل كبير بين الأدباء والمثقفين الجزائريين إلى حد الساعة· مسألة ''هويَّة'' أصدرتم مؤخراً كتاباً بعنوان''الأدب الجزائري باللسان الفرنسي''، ما هو هدفكم من الاهتمام بهذا الأدب تحديداً ؟ اهتمامي بهذا الأدب يعود إلى وقت مبكر من حياتي، حين اكتشفت بعض نصوصه في الكتب المدرسية، وتحوَّل الاكتشاف مع الوقت إلى شغف به ثم إلى دراسة منهجية شاملة وتخصص، وقد جاء كتابي هذا ليسد ثغرة كبيرة في هذا المجال، لندرة ما كتب فيه، ولاسيما باللغة العربية· كثيراً ما تثارُ مسألة ''هويَّة'' هذا الأدب: هل يُعدُّ إضافة للأدب الفرنسي أم الجزائري؟ هو إضافة للأدبين العربي الجزائري والفرنسي على السواء، ودم جديد أضاف لكليهما جِدَّة وحيوية وشباباً، وأعطاهما تجربة غنية وشديدة الثراء، أما هُويته فهي عربية بروح كتَّابها ومشاعرهم وبالموضوعات التي تدور حولها أعمالهم، بل حتى بأسلوب تعبيرهم الذي يستمدونه بشكل مقصود أو لاشعوريا من لغتهم وثقافتهم الأصلية، وهي من جهة أخرى هُويَّة فرنسية بحكم اللغة التي كُتب بها، ويكفي أن يُترجم هذا الأدب إلى اللغة العربية ليعود إلى أصله، ويكتسب هويته العربية الإسلامية كاملة· المستوى والعبقرية من خلال تتبُّعكم للكثير من النصوص الروائية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية منذ مدة طويلة، ما رأيكم في مستواها العام مقارنة بالروايات الجزائرية المكتوبة بالعربية؟ لا يمكن القيام بمثل هذه المقارنة لأن الرواية الجزائرية بالعربية حديثة العهد لا يتجاوز تاريخها الأربعين عاما، أما نظيرتها بالفرنسية فتعود نماذجها الأولى إلى سنة ،1920 بمعنى أن كُتّابها أكثر تمرساً بهذا الفن، ثم أن الأدب الجزائري تميَّز في الفن الروائي دون غيره من الفنون الأدبية الأخرى، وكتَّابه يستمدون تقاليده من الرواية الفرنسية، وهي عريقة في هذا الفن، لكن هذا لا يعني أن الرواية بالعربية تحتاج إلى ستين عاما لكي تلحق بنظيرتها بالفرنسية، والنماذج الموجودة بين أيدينا اليوم تشهد على أن الكاتب العربي يستوعب بسرعة، ويختصر المراحل، ثم أن المسألة تتعلق من جهة أخرى بالروائي نفسه، فإذا كان ملهما، وصاحب عبقرية فذة فإنه يستطيع أن يتجاوز زمانه، بل ويتجاوز كبار الروائيين وأرسخهم قدما في الفن الروائي في أي مكان في العالم، وإذا رحل فلا أحد يستطيع تعويضه، والروائيون عموما يختلفون في المستوى والعبقرية· برأيكم، ما هي أبرز الفروق بين أدب جيل محمد ديب وكاتب ياسين وجيل ياسمينة خضراء ورشيد ميموني؟ لكل جيل اهتماماته، ومواضيعه، وبطبيعة الحال كان الأوائل يكتبون عن زمانهم أيام الاستعمار، أما المتأخرون فقد صاروا يكتبون عما أفرزته مرحلة ما بعد الاستقلال، وقد استحوذت عشرية الدم والإرهاب في سنوات التسعينيات على اهتمام كل الروائيين، سواء من يكتب منهم بالعربية أو الفرنسية، لكن أعود إلى القول بأن لكل كاتب موهبته وشخصيته وتميزه، وما يميز الكاتب ليس فيما يشترك فيه مع جيله من الكتَّاب أو مع من سبقوه ولكن فيما يختلف فيه عنهم، وقد تميز من روائيي الخمسينيات كاتب ياسين،على سبيل المثال، بتمرده على كل شيء، بما في ذلك قواعد الكتابة وأساليب التعبير التي أدهشت الفرنسيين، وتميَّز الراحل رشيد ميموني من جيل الاستقلال بنقده اللاذع والشجاع للنظام، وبسخريته المُرَّة التي فاقت كل الحدود· الأدب الاستعجالي سقط العديد من الروائيين الجدد بالفرنسية في ''الأدب الاستعجالي'' في التسعينيات، ما مدى تأثير ذلك في جودة كتاباتهم؟ حينما يكون المرء في عجلة من أمره، في أي مجال كان فإن ذلك ينعكس بطبيعة الحال في أي شأن يقوم به، فيأتي مليئاً بالثغرات والنقائص، ويظهر فيه أثر السهو والنسيان والغلط وما إلى ذلك، وهذا ما لاحظناه في الأعمال التي أطلق عليها أصحابُها، وبفخر، صفة الكتابة الاستعجالية، مبرِّرين ذلك بما تقتضيه الظروف من متابعة الأحداث وتسجيلها في حينها، وتسجيل المواقف إزاء ذلك، على غرار الكتابة الصُّحفية التي تسجِّل الحدث في حينه، وتعلق عليه، في حين أن طبيعة الفن الروائي تناقض هذا المسعى، لأن الرواية تحتاج إلى وقتٍ تختمر فيه البذرة، وإلى وقت تنضج فيه وتبعث خلقاً كاملاً غير مشوه ولا ناقص، ومن هنا نلاحظ اليوم أن معظم تلك الأعمال قد طواها النسيان، ولم يعد يذكرها أحدٌ إلا على سبيل النموذج السيء الذي لا ينبغي أن يتكرر· صرحتم مؤخراً بأنه لا وجود لنقدٍ محترفٍ في الجزائر، ما الذي يمنع قيام هذا النوع من النقد برأيكم؟ النقد المحترف،الذي نعني به المتابعة المستمرة لمؤشرات الإبداع، والتقويم الجاد والصائب لها، هو بصفة عامة عملة نادرة، وعلى ذكر العملة والمؤشر أقول ما أكثر مدعي الخبرة في مجال أسواق المال، ولكن الخبراء الحقيقيين قليلون، وهذا ينطبق على من يمارسون النقد الأدبي، فأكثرهم من النقاد الاستعجاليين، ولا يوجد لديهم ما يغريهم بالحذر وبذل الجهد مثل ما هو الحال في سوق المال، وكل الأمل معلق على النقد الجامعي، وعلى ما يقدم من رسائل وأبحاث جامعية، فهذا النوع من النقد هو الكفيل بالاضطلاع بتقديم تقويم شامل وموضوعي، ولكن عيبَه أنه بطيء، ويأتي دائما متأخرًا عن القافلة.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©