- البدع في بعض الطوائف المتطرفة في فهم التدين والتصوف والبركات الربانية تعدت حدّها، وتمادى الأتباع في غيهم، وبدعهم، وضلالاتهم، حتى يتملكك العجب من الجهل والسذاجة والعقول المغيبة حين تلقى «حضرت مفلانا» يتمخط في منديل قطني صغير لأتباعه ومريديه الكثر، فيصرّها الواحد منهم في يده كحرز، ويقبل اليد تبركاً ويمضي منتشياً من السعادة، السؤال: كم لدى «حضرت مفلانا» من السوائل، لكي يستطيع أن يوزعها على كل تلك الحضرة؟! والله، وأحسبني صادقاً، أنني أشفقت على مخه أن يصاب بالسحالي أو التيبس اللاإرادي أو أقلها حمى الضنك!
- مرات تقول: بروح الليلة مطعماً جديداً من المطاعم التي فتحت في أطراف أبوظبي مؤخراً، وبتعشى على فاقة مع المعزبة، وما أحد بيعرفنا أو يغثنا، وبعد نصف ساعة يأتي إليك شخص، وكأنه مرسل لك بالمخصوص، ويبادرك بالقول: يا أخي.. أنا شايفنك في التلفزيون! فلا تستطيع ساعتها تكذيبه، لأنك ستجر على نفسك أسئلة أخرى أنت في غنى منها وعنها، وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن تجاريه وتوافقه تماماً، فتترتب عليك مسائل لا تصلح لذاك المساء في حضرة المعزبة الوارمة، لأنه يمكن أن يفاجئك بسؤال ياباني لا يخطر على بالك: إلا قل لي من هو الآن مدير التلفزيون؟ ساعتها لا تستطيع أن تقول: ما أعرف! أو تظل تتذكر اسمه، وأنت أصلاً من التلفزيون! من الآخر ضاع العشاء الرومانسي، لأن حديثك مع المعزبة كله سيظل منصباً على التلفزيون، وظهورك المشكوك فيه، ومدير التلفزيون، والسائل الذي ظهر لنا بالصدفة في ذاك المطعم الجديد، والمتطرف في أبوظبي!
- والله.. ما في أحد يوترني، في هذه الدنيا العودة، مثل الذي يلعب بالمكيف، تقول متسلط عليه، وهو أصلاً لا يعرف درجات البرودة الدنيا من الدرجات العليا، يتحسب مثل ما علموه في دروس الحساب أن الدرجة العليا هي أحسن شيء، وبالتالي هي الأكمل والأبرد، فيقوم ويحط درجة مكيف الغرفة على الثلاثين، وتتم أنت تتحرطم، وتشخل من العرق والحر، ويكون هو مستلقياً وراقداً في المجلس ومرتاحاً بعدما عبث بعداد ذلك المكيف، فقلب القمر فيه إلى شمس!
- يا الله! يا بعض الناس، ودّك تسافر وياه، وترافقه، وما أحلى أيامه! لكنه ثقيل بما يحمل، رغم خفة دمه، ويشعرك أنه قافلة متحركة، رغم أنه الفرح كله، يعني مثلاً تلقاه ما يتحرك إلا إذا زهّب «جديره» اللي يطبخ فيه، وشلّ معه دلاله اللي من صباح الله خير يقابلها، وصرّ مدخنه اللي ما في غنى عنه، ويتم يتشهى في «الحمل»، نسيت مقفلة السح المدلوج، ما أحلاه ويا فنجان قهوة مقَنّدة ساعة العصر! ومضرب دهن العود، أخاف تصيبني دورة، يا أخي هذا حلو في السفر، ويكفيك وايد من العبولة، لكنه إذا ما نسى «الملّاس» ما غير نبتلش ونحتاس! وإلا نسى يتذخر في تلك السفرة من العود كسرة أو ما شلّ معه «قمطة يليان أو عقدة زعفران» إلى بلد ما فيه «جَبّره»!