كانت تلك لحظة لا تنسى، عندما تم الإعلان عن تأسيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في 26 مايو 1984. أذكر أننا تلقينا هذا الخبر بفرح بالغ، وكنّا آنذاك مجموعة من الطلبة في جامعة الإمارات الذين يكتبون الشعر وللتو تعرّفنا على بعضنا قادمين من إمارات مختلفة لتحتضننا الجامعة برحابة عالية. وفي الجامعة تعرّفت على الشعراء أحمد راشد ثاني وخالد البدور وخالد الراشد وعبدالعزيز جاسم وثاني السويدي وبعض الأصوات الأخرى التي لم يُكتب لها الاستمرار في الكتابة لاحقاً. ولا تزال مشاهد الثمانينيات تلك راسخة في الذاكرة كونها أسست للحراك الثقافي الذي أحدث نقلة كبيرة على صعيد المحاضرات والندوات التي بدأ اتحاد الكتاب بتنظيمها في مقره في الشارقة عن طريق نادي الشعر ونادي القصة، حيث أسهم هذان الناديان في تجديد طرح الأسئلة وفتح المناقشات في قضايا التجديد والمعاصرة، وأسهم كتّاب الإمارات الأكبر سناً منّا في هذه المخاضات الفكرية مع وجود الأدباء والكتّاب العرب، وصرنا نرى أنفسنا كشباب طرفاً في تلك المناقشات. وعن طريق تلك الأندية تعرّفتُ وجهاً لوجه على معظم كتّاب وكاتبات الإمارات.
في عام 1986 أصدر الاتحاد كتاب (قصائد من الإمارات) وهو الإصدار الأول الذي يجمع الشعراء من كل إمارات الدولة في كتاب أنطولوجي واحد، وكنت سعيداً بالمشاركة في هذا الإصدار التاريخي بقصيدة عنوانها (لافتات سمينة) عبارة عن مقاطع شعرية قصيرة مختزلة وخالية من الإيقاع الخليلي، والأهم أن رئيس الاتحاد آنذاك الأستاذ عبدالغفار حسين فتح باب المشاركة لجميع الأصوات من شعراء العمود والتفعيلة وأيضاً قصيدة النثر التي بدأنا نكتبها في تلك الفترة. أيضاً في العام نفسه أصدر الاتحاد كتاب (كلنا، كلنا، كلنا نحب البحر) الذي يمثل هو الآخر جميع الأصوات التي كانت تكتب القصّة القصيرة باحترافية عالية.
يمكننا القول أيضاً، إن الكتاب الإماراتي شهد طفرة كبيرة بالفعل منذ ذلك اليوم التاريخي، حيث توسعت آفاق النشر لتشمل إصدارات الكتب لأعضاء الاتحاد والمنتسبين له، واستقطبت مجلة «شؤون أدبية» التي يصدرها الاتحاد أصواتنا كافة ونقلت الصحف وملاحقها الثقافية سجالات وحوارات أندية القصة والشعر التي كانت تمتد إلى جلسات المقاهي أيضاً. نعم، تلك كانت بالفعل الأرضية التي أسست لبروز الكاتب الإماراتي وفتحت له أفق المغامرة والنشر والاحتكاك بالتجارب العربية والعالمية.
إن الضوء الذي يغمرنا اليوم، بزغ بالتأكيد من تلك اللحظة الرائعة.