- يوم السادس والعشرين من مايو، هو يوم غير عادي بالنسبة لكتّاب وأدباء ومبدعي الإمارات، لأنه «يوم الكاتب الإماراتي» الذي أصبح تقليداً محموداً كل عام، يحتفي فيه المبدعون في الإمارات بتواقيع أعمالهم المنشورة، ويُعد فرصة للقاء ودي تحرمهم منه سرعة وتيرة الأيام، ومشاغل الحياة وتفاصيل ساعاتها، في هذا اللقاء السنوي، هذا العام، حظي رؤساء اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات طوال مراحل التأسيس والتمكين واستدامة العمل الثقافي بتكريم خاص من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، والرئيس الفخري لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، حيث أكد سموه استمرارية دعمه للاتحاد ولأعضائه وبرامجه الثقافية، لإيمان سموه بأن الثقافة هي فعل المنجز، وإنجاز الأفعال التي تخدم الإنسان والمكان، وأن الثقافة وحدها التي تصنع التغيير، وترتقي بالإنسان وتدعم الحضارات، حيث كانت لسموه محاضرة ممتعة، وقيمة وعميقة في فعل الثقافة ودورها في حياة الأوطان والمجتمعات والأفراد.
- أين صارت جائزة الدولة التقديرية للمبدعين في مختلف الفنون والآداب؟ وكيف غابت تلك الجائزة بعد أن استمرت سنوات، وكانت خطوة ثمينة نحو تكريم المبدعين، ونهجاً حضارياً تقدمه الدولة للنابغين فيها، واعدة الجميع بالبشائر وبأحلام التقدير، وبقيمة الأشياء الجميلة في الحياة، ولعل مثل تلك الجائزة كانت دافعاً قوياً، لكي يستعيد البعض من مبدعينا القدامى والمخضرمين، وحتى من ذوي الأعمال الأدبية اليتيمة، وهجه وتألقه، وخروج البعض من بياتهم الشتوي الذي طال، ومساعدة البعض الآخر على كسر هذا العزوف والكسل، فالكثير من المبدعين عندنا التهمتهم الحياة وضاعوا في إيقاع يومها المثقل بالأعباء والأحمال التي لا تنتهي، فمنهم من أخذته الوظيفة، ومنهم من شعر بعدم جدوى كل الأشياء، ومنهم من غاب لكي ينسى ويُنسي! يوم الكاتب الإماراتي هو تذكير بأهمية وقيمة جائزة الدولة التقديرية للمبدعين في الإمارات.. ومن جديد!
- زمان.. كان الفهيم والعارف والأريب والأديب والنحرير الفهّامة العلّامة اللوذعي، وتكثر الألقاب نعتاً للمثقف الذي يشعر الآخرون بأنه متعال، وفيه شيء من الكبر، وربما هو لا يدرك ذلك، وربما لا تعنيه تلك الأمور، لكن الناس كانوا ينعتون أي كلام يقوله ولا يفهمونه أو يرونه صعباً عليهم بأنه تفلسف، حتى صارت جملة: «لا تتفلسف علينا»! أشبه بالمسبة والتقليل من معارف الآخر، واليوم الكثير يرى أن المثقف متعال، ويرى الناس من برجه العاجي العالي، في حين الثقافة الحقيقية هي التي ترى فيها خصوصيتك، وتشم منها رائحة الأرض، وتجد فيها روح الانتماء والمواطنة، كان الفيلسوف الفرنسي الوجودي «جان بول سارتر» يُعرّف المثقف بأنه من يخدم ناسه، ومجتمعه وأهله، والذي لا تصبح ثقافته مجرد معرفة يختزنها في رأسه، والثقافة الحقيقية فعل تغيير وتقدم وسبر للغد، سارتر قال: حينما ترون ذلك الكناس الذي ينظف الطرقات فلا تتعجبوا منه وهو يقوم بعمله، لأنها طبيعة عمله وواجبه في ساعات عمله، لكن إن رأيتموه وهو عائد إلى منزله مساء، يحمل خبزة، وأشياء لعشائه، يمشي بخطى تعبة، ومنهك من العمل، لكن في طريقة وجد على رصيف الشارع أكواماً من قمامة مرمية.. تقدم خطوتين إلى الأمام، لكنه تراجع خطوات للخلف، والتفت إلى المرمي في الطريق، وقام بجمعه ورميه في الحاوية، هنا يتحول ذلك العامل البسيط إلى مثقف، لأنه عمل ذلك من قلبه، وبحب، ومن صفاء روحه، تلك هي الثقافة النافعة.. ثقافة التغيير.