الجمعة 12 ديسمبر 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الترابط الإنساني في وثيقة الأخوة الإنسانية وصحيفة المدينة المنورة

الترابط الإنساني في وثيقة الأخوة الإنسانية وصحيفة المدينة المنورة
7 يوليو 2025 01:44

في أحد المؤتمرات العلميّة التي سبق لي أن شاركت بها كنتُ قد قدمت ورقة علميةً تحمل عنوان الإركام النصي بين وثيقة الأخوة الإنسانية وصحيفة المدينة المنورة، حيث وقفت في تلك المحاولة على مفهومٍ نقدي يرى أن النصوص تتراكم وتترابط نتيجة التداعي الحاصل في السياق الإنساني الذي يلحّ بدوره على طلب كتابة النصوص لأنها تشكل ذلك الخطاب المعلن للآخر، وذلك بوصف النّص -أي نص- وثيقة يتم دَسترتها لاحقاً لكي تنظم شؤون الإنسان ومتطلباته وتحدياته، فالقيم الإنسانية الخَيّرة منها هي قيم مشتركة بين جميع أبناء البشر، وهي سبب سلامة البشرية ومكمن وجودها، فالإنسان يقدم الخطاب كفعل بعد أن يكون قد أنجزه قولاً قابلاً للتطبيق العملي، وهنا رأت الدراسة أن المعطى الاجتماعي المحفّز هو ما أعاد إنتاج نص صحيفة المدينة في شكل وثيقة الأخوة الإنسانية التي صدرت في أبوظبي عام 2019 بعد أن وقعها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا فرانسيس، فقد تجدد السياق مستجلباً الحاجة لخطاب تعايشي في وقتنا الحاضر، فأنتج كما ذكرنا خطاباً جديداً مستلهماً من الأصل الأول.
هذا المصطلح يرى أن النص يُكتب بالتداول ويتراكم طردياً مع نمو السياق الإنساني، ولأن الدراسة لغوية نصية في حقيقتها فقد برهنت على هذا التراكم من خلال تطابق الفعل الإنجازي ومراميه في كل منهما، فهما يتقاطعان في اعتمادهما على خطابٍ عملي صريح بعيد عن الزخرفة البلاغية أو المجاز، ما يعكس القصد المعلن والمشترك لكليهما في تحقيق الفهم والتعايش الإنساني المشترك للإنسانية جمعاء، فقد فرض القصد المعلن هذا الابتعاد عن الجمالية التذوقية في النصين لصالح إبراز الأداء الإقناعي والتضامني، فالنصوص كلما كانت صريحة كلما كانت حجاجية عملية لا تركن للتزويق البلاغي ولا للفرض، فغايتهما إرساء قواعد التعايش السّلمي بين أتباع الديانات المختلفة اعتمادًا على خطاب تضامني غير سلطوي.
فالنّص بما هو فعل بشري يشكل أساس الوجود، ديمومته تعبيرٌ صادق عن الوجود ذاته، فهو لا يتلاشى لكنه يتجدد كلما وجد ذلك الإنسان الذي يحافظ على هذه الديمومة من خلال نبذ العنف والتفرقة والتهلكة لصالح الأخوة والتعايش والسّلم والبحث عنها وإيجادها في الخطاب أولاً؛ لذا تُخلّد النصوص القيمية وتتلاشى في المقابل النصوص ذات النزعة غير الإنسانية، محدثة بذلك تراكماً يتصاعد مع خط سير الزمن البشري، فالنّص وفق تعريف النقاد الغربيين شبكة دلالية مترابطة تنتج ذلك المعنى المشترك رغم اختلاف السياقات، وهو ما رأيناه في اختلاف سياق إنتاج صحيفة المدينة المنورة ووثيقة الأخوة الإنسانية فقد تراكم المعنى وتعاضد عمودياً.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©