في العائلة يقول المفكر والمصلح الاجتماعي الروسي ليو تولستوي: إن العائلة إما أن تصنع إنساناً أو كومة عُقد، ويؤكد الفيلسوف الألماني نيتشه على ذلك بقولهِ: لا صلاح لأمة فسدت منابع أطفالها.

يمثل الاحتفاء باليوم الدولي للأسرة تكريماً للأسر، ودافعاً معززاً للروابط الاجتماعية بين العائلات باختلاف ثقافاتها وقدراتها المادية، حيث تعتبر الأسرة النواة والركيزة الأساسية لتكون المجتمع والأمم إلى جانب كونها البيئة الأساسية لبناء المستقبل، فهي «الأسرة» تعد عاملاً مؤثراً في تحقيق التعاون والتكامل الاجتماعي والتنمية المستدامة والأمن، وعلاوة على كونها سبباً في انخفاض الجريمة في حالة قدرتها على التنشئة الصحيحة، فالأسر المتماسكة والأكثر تكافلاً ومشاركةً في مواجهة التحولات والتحديات المادية والثقافية تسهم في رفع الأداء الاقتصادي والعمل وتخفف من عبء الدعم الحكومي. مازال الهدف الرئيس لوضع يوم عالمي للأسرة في 15 مايو من كل عام يدور حول زيادة الوعي بأهمية الأسرة، والجوانب المختلفة التي تؤثر سلباً عليها، ويعد هذا اليوم أيضاً فرصةً لمختلف الحكومات لعرض وتقييم سياساتها وخدماتها حول الأسرة ومختلف القضايا والتحديات المرتبط بها، كما أن يوم الأسرة يقوم على تحفيز الأسر على تعزيز روابط أفرادها.

وجرت العادة على استخدام هذا اليوم كنقطة انطلاق لتسليط الضوء على القضايا التي تعاني منها الأسر والإجراءات المناسبة التي يمكن للأفراد والمجتمعات والحكومات اتخاذها من أجل حل مختلف القضايا ومواجهة التحديات الطارئة والملحة. ففي كل عام، تحدد الأمم المتحدة موضوعاً لليوم الدولي للأسرة وفقاً واعتماداً على التحديات والتطورات الجديدة، وكان موضوع هذا العام 15 مايو 2024 هو (الأسر وتغير المناخ). حقيقةً، يؤثر تغير المناخ سلباً على صحة الأسر ورفاهها من خلال زيادة التلوث، في حين أن الظواهر الجوية المفاجئة والتي تتفاقم بسبب تغير المناخ، مثل الأعاصير والجفاف والفيضانات، غالباً ما تؤدي إلى النزوح القسري وفقدان سبل العيش للأسر والأفراد، كما أن هذه الأحداث تؤثر على الإنتاجية الزراعية والحصول على المياه وعلى مصائد الأسماك أيضاً، مما يؤدي إلى تفاقم الجوع والضعف والفقر والجريمة.

ومن منطلقات قدرة العائلات على تمرير القيم عبر الأجيال، فإن غرس العادات المستدامة والوعي المناخي في الأسر منذ سن مبكرة أمر مهم للغاية، على سبيل المثال، دمج مبادئ الاقتصاد الدائري في التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة يساعد على بناء نموذج اقتصادي مستدام يعتمد على تقليل النفايات وتجدد الموارد الطبيعية، وأيضاً يمكن للأسر كمستهلكين وداعمين أن تعزز من الاقتصاد الدائري في سلوكها. ختاماً، نجد بأن أهم المواضيع والقضايا والشؤون التي احتلت أولوية اليوم العالمي للأسرة في السنوات الماضية، كانت التالية: (العائلات والتقنيات الجديدة) 2021، (الأسر في التنمية: 2020)، (تعزيز التكامل الاجتماعي والتضامن بين الأجيال) 2013، (الأسر والأشخاص ذوي الإعاقة) في عام 2007.

*كاتب ومحلل سياسي