في خِضم التحولات السريعة التي يشهدها العالم في مجال الإعلام، تبرز دولة الإمارات كواحدة من الدول الرائدة، التي تبذل جهوداً حثيثة لتعزيز دور الإعلام على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وتُعدّ «قمة الإعلام العربي» التي تم إطلاقها بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مظلة جديدة تندرج تحتها كل المبادرات والفعاليات الإعلامية التي يتولى نادي دبي للصحافة تنظيمها منذ تأسيسه في العام 1999، في خطوة من شأنها مواكبة نمو وتطور تلك المبادرات والفعاليات التي تضم: «منتدى الإعلام العربي»، و«المنتدى الإعلامي العربي للشباب»، و«جائزة الإعلام العربي»، و«جائزة رواد التواصل الاجتماعي العرب».

وفي ظل تواصل احتضان الإمارات للفعاليات الإعلامية الكبرى في المنطقة، تستضيف إمارة دبي أعمال الدورة الـ 22 من «منتدى الإعلام العربي»، وهو التجمع الإعلامي الأكبر من نوعه في المنطقة. وتنطلق فعاليات هذه الدورة غداً الثلاثاء، ولمدة يومين، وسيتم من خلالها تكريم الفائزين بجوائز الصحافة العربية في دورتها الـ 23، كما تشمل حفل «جائزة رواد التواصل الاجتماعي العرب» في دورتها الرابعة.

ويستمد «منتدى الإعلام العربي» أهميته من اعتبارات عدة، في مقدمتها المشاركة الكثيفة في فعالياته من قبل نخبة من القيادات والرموز الإعلامية في العالم العربي، ليواصل رسالته في مناقشة واقع ومستقبل القطاع الإعلامي، وفرص التعاون الممكنة بين مؤسسات الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع والرقمي، من أجل النهوض بقدرات الإعلام العربي. يُعد «منتدى الإعلام العربي»، الذي يُعقد سنوياً في دبي، واحداً من أبرز الفعاليات، التي تعكس التزام دولة الإمارات وتوجهها الاستراتيجي نحو تطوير الإعلام، كما يُعد المنتدى منصة استراتيجية تتيح تبادل الخبرات والرؤى حول القضايا الحيوية التي تواجه الإعلام العربي.

ويهدف «منتدى الإعلام العربي 2024» إلى وضع تصورات لمستقبل قطاع الإعلام، وتحديد الاتجاهات والتحديات والفرص الرئيسية، التي ستحدد مساره، بدءاً من التقنيات، مروراً بالأساليب الإبداعية الجديدة في السرد وصناعة القصة الإعلامية، ووصولاً إلى التحولات في سلوكيات المستهلك الإعلامي. وسيسلط المنتدى الضوء على أهم العناصر والمؤثرات التي تشكل المشهد الإعلامي للوقوف على أفضل الاستراتيجيات التي يمكن معها التكيف مع المتغيرات المحيطة، وابتكار أساليب عمل جديدة تؤكد قدرة إعلام المنطقة العربية على المنافسة وبناء رصيد متين من الثقة لدى المشاهد والقارئ والمستمع العربي. وفي الواقع، فإنه وبفضل الدعم الحكومي والبنية التحتية المتطورة، تستمر دولة الإمارات في جذب أفضل المواهب والشركات الإعلامية، ما يُسهم في تعزيز الحوار الثقافي والتفاهم بين الشعوب. كما تتمتع الدولة بمسيرة مفعمة بالإصرار والطموح، وتُظهر دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بتطوير كوادر إعلامية مؤهلة، من خلال برامج تدريبية متقدمة وشراكات مع مؤسسات تعليمية مرموقة.

وما يمكن قوله، إنه وعلى الرغم من كل التحديات التي تواجه الإعلام العربي، فإنه توجد فرص كبيرة يمكن استغلالها لتعزيز دوره، وإحدى هذه الفرص الرئيسية تتمثل في تطوير المحتوى الرقمي باللغة العربية. وهنا تؤدي دولة الإمارات دوراً محورياً من خلال دعم المبادرات الرامية إلى تعزيز المحتوى العربي الرقمي، بما يُسهم في تعزيز الهوية الثقافية والتواصل الفعال بين الشعوب العربية. وفي إطار سعيها الدائم لأن تكون في طليعة الدول التي تستخدم الإعلام كأداة للتغيير الإيجابي، تستثمر دولة الإمارات في مجالات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز، ويمثل «منتدى الإعلام العربي» تجسيداً لرؤية دولة الإمارات الطموحة في أن تكون رائدة في مجال الإعلام.

ومن خلال استثمارها في البنية التحتية والتكنولوجيا والمواهب، تسعى الإمارات إلى خلق بيئة إعلامية حيوية تُعزز نشر المعرفة والحوار الثقافي. إنّ مستقبل الإعلام في الإمارات يبدو واعداً، بفضل القيادة الرشيدة والرؤية الاستراتيجية التي تركز على الابتكار والتطوير المستمر. وهذه الجهود لا تعزز فقط مكانة الإمارات كمركز إعلامي عالمي، بل تُسهم أيضاً في تحقيق التغيير الإيجابي في المجتمعات من خلال إعلام حر ومسؤول ومؤثر.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.