تخيل أن يأتي رئيسك في العمل إلى مكتبك ويخبرك أن أحد زملائك الأصغر أفضل منك وسيحل محلك، ويتركك بلا عمل. والآن، تخيل سيناريو مشابها، باستثناء أن رئيسك يقول لك إنك ستترك العمل لأن الروبوت سيتولى عملك. في دراسة استقصائية شملت أكثر من ألفي شخص في أوروبا وأميركا الشمالية، كان المستجيبون أكثر انزعاجاً وهم يتصورون أنفسهم في السيناريو الأول، أي أن يحل شخص آخر محلهم. وكانت عملية استحواذ الروبوت على العمل أسهل في قبولها، لأنه لا يفسد صورة الشخص لنفسه بهذه الوحشية.
هذا لن يظل نظرياً. فالتكنولوجيا ستتسبب حتماً، تقريباً، في حدوث تقلبات في الوظائف، ومن المهم الحفاظ على الأشخاص المبعدين من الإصابة باليأس.
يقول أحد معدي الدراسة، «كريستوف فوكس»، من الجامعة التقنية بميونخ، إن المواقف تغيرت عندما سُئل الناس عن تولي الروبوتات لوظائف أشخاص آخرين – أو تولي وظائف بشكل مجرد. ثم فضَّل المستجيبون أن تذهب الوظائف إلى أشخاص آخرين. وفقط عندما يكون عملهم في خطر، فإنهم يشعرون بأنهم أقل كراهية لاستبدالهم بروبوت. وأضاف فوكس: «إنه أمر أساسي للغاية بالنسبة للبشر. نحن نميل إلى مقارنة أنفسنا بأشخاص آخرين».
يمكن أن تسير الأتمتة بسلاسة عندما لا يشعر الناس على الإطلاق بأنهم يتم استبدالهم، ولكن بالأحرى تحريرهم. ومن السهل أن نتخيل مكتب محاماة، حيث يقوم الشركاء المتساوون بالتخلص من المزيد من المهام الشاقة لكي يؤديها الروبوتات، وبالتالي يقضون وقتاً أطول في القيام بأشياء تحتاج إلى مهاراتهم المهمة. ويمكن لمجموعة من الأطباء الاستفادة من التحليل التلقائي للصور والتشخيصات، لقضاء مزيد من الوقت مع المرضى في الحديث عن خيارات علاجهم والآثار الجانبية المحتملة لكل منها.
في عالم مثالي، يمكن للتقدم في مجال استخدام الروبوتات أن يحرر البشر من المهام اللازمة للبقاء، ويمنح المزيد من الناس الفرصة للمشاركة في أشياء ممتعة وغير مربحة للغاية، مثل تأليف المسرحيات وإرسال المسبارات إلى كواكب أخرى. بيد أننا لا نعيش في عالم مثالي، ونحن البشر غير مهيئين بشكل جيد للتغييرات المفاجئة. فعلى مدى العقد المقبل، من المتوقع أن تحل الآلات محل حوالي 20 مليون وظيفة في مجال التصنيع حول العالم.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»