تم افتتاح "نُزُل السلام" في مدينة المحرّق في مملكة البحرين، أمس، ضمن مشروع مشترك بين وزارة الثقافة وتنمية المجتمع ومركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في البحرين.
و"نُزُل السلام" أحد مشاريع استعادة المباني التراثية الذي تدعمه الدولة ضمن المشروع الثقافي المشترك الذي يهدف إلى إعادة إحياء بيت "فتح الله" التراثي إضافة لتشييد "الركن الأخضر" بعد ترميم البيت وخضوعه لأعمال إعادة تصميم داخلي في إطار الاتفاقية الموقعة لتوثيق علاقات التعاون الثقافي بين دولة الإمارات ومملكة البحرين الشقيقة للحفاظ على الإرث التاريخي المشترك للبلدين.
شارك في حفل افتتاح "نُزُل السلام" وفد إماراتي برئاسة معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة إضافة إلى مجلس أمناء المركز برئاسة معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة.
كما حضر الحفل الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة آل نهيان والشيخ ماجد بن سعود بن راشد المعلا رئيس دائرة السياحة والآثار في أم القيوين ومعالي الدكتور عبدالله بن محمد بلحيف النعيمي وزير تطوير البنية التحتية ومعالي حصة بنت عيسى بو حميد وزيرة تنمية المجتمع ومعالي زكي أنور نسيبة وزير دولة وسعادة ريم الفلاسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي وأصدقاء مركز الشيخ إبراهيم والإعلاميين.
يأتي هذا المشروع كأولى ثمار عدد من الاتفاقيات التي تم توقيعها العام الماضي خلال اجتماع اللجنة المشتركة الإماراتية البحرينية والتي كان من بين بنودها التوقيع على مذكرة تفاهم بين المركز ووزارة الثقافة وتنمية المعرفة للاحتفاء بمئوية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " طيب الله ثراه " واختيار مدينة المحرق عاصمة للثقافة الإسلامية، حيث يجسد هذا المشروع العلاقات الإماراتية البحرينية المميزة وحرص البلدين على الحفاظ على الإرث التاريخي والأصول الثقافية والحضارية في ظل خصوصية العلاقات الثنائية القائمة على روابط راسخة وتاريخ مشترك مع وحدة المصالح والتعاون البناء لما فيه خير الإنسانية.
ووجهت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة باسم مجلس أمناء مركز الشيخ إبراهيم الشكر إلى دولة الإمارات التي تؤمن بأهمية دعم الحراك الثقافي الأهلي ودوره في الارتقاء بالمجتمعات .. متمنيةً لقيادة دولة الإمارات وشعبها كل التقدّم والازدهار.
وأعربت معاليها عن سعادتها بعودة الحياة إلى بيت فتح الله الذي كان منذ عام 1947م علامة مميّزة في المحرّق ويعود ليكون مكان استراحة للسائح الذي يأتي إلى زيارة طريق اللؤلؤ المدرج على لائحة التراث الإنساني العالمي فيكتشف جمال العمارة البحرينيّة.
من جهتها قالت معالي نورة الكعبي: " نحتفي هذا العام في دولة الإمارات بعام التسامح وليس أجمل من أن تقترن قيمة التسامح بقيمة السلام نحتفل اليوم بافتتاح "نزل السلام" أول نزل يتم ترميمه في منطقة المحرق القديمة وأول فندق يقع على مسار اللؤلؤة ليستعيد هذا البيت التراثي مجده ويستقبل زواره ويقدم لهم تجربة استثنائية تهتم بتفاصيل الحياة البحرينية وتوقظ في قلوبهم الحنين إلى الماضي".
وأضافت: "أن اهتمام والتزام دولة الإمارات بمساندة مشاريع إحياء التراث والحفاظ على الموروث الثقافي في الدول الشقيقة والصديقة في منطقتنا العربية وحول العالم هو إرث نحمله في قلوبنا وعقولنا أورثنا إياه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ونسعى من خلال التعاون مع المؤسسات الثقافية المرموقة كمركز الشيخ إبراهيم لأن نكون أوفياء لهذا الإرث والعمل على توسيع نطاقه وتطوير رؤيته".
وأشارت إلى أن "نزل السلام" يحتضن إرثاً ثقافياً وحضارياً غنياً يشهد على عراقة منطقة المحرق ودورها في مسيرة الثقافة الإنسانية على مر العصور الماضية.. مؤكدة أن هذه المواقع ستتحول إلى منصات للترويج للثقافة والفن الخليجي والعالمي من خلال إقامة ندوات ومهرجانات تساهم في صون الثقافة الخليجية وتحفظها لأجيال المستقبل.
وأوضحت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة أن البيوت التراثية تبوح بحكايات الماضي وتبعث الأمل وتعيد الحياة لمنازل طالما كانت شاهدة على حياة عائلات تركت بصمتها في مجالات تجارة اللؤلؤ والشعر والموسيقى والصحافة وغيرها.
ويفتح "نزُل السلام" - و هو بيت "فتح الله" - فناءه ومساحاته لاستقبال زوّار مسار اللّؤلؤ في المحرّق والمُدرَج على قائمة التّراث الإنسانيّ العالميّ وذلك كأوّل فندقٍ يقع ضمن هذا السّياق وسيكون مشروع ترميم وتأهيل بيت فتح الله مقصداً لزوّار المسار والمدينة التّاريخيّة وأحد مواقع مركز الشيخ إبراهيم.
ويعكس "نُزُل السلام" أصالة الطراز المعماري الفريد لمملكة البحرين وسيتيح لزواره فرصة الإطلاع على العديد من العناصر الأساسية التي تميز تصميم البيوت البحرينية التقليدية الممزوجة بلمسات عصرية ويزين غرف نزل السلام أقوال مأثورة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وقد تولى التصميم الداخلي للنزل استوديو عمار بشير للإبداع الفني المكون من فريق بحريني شاب يرأسهم المصمم البحريني عمار بشير الذي حمل على مدى الأعوام الماضية على عاتقه تعزيز الحرفية البحرينية المتقنة والتي اشتهر بها الحرفيون البحرينيون في شتي المجالات.
يشار إلى أن فكرة النزل هي سرد لحكاية جلجامش تلك الأسطورة التي تم إعادة صياغتها بشكل معاصر وتصميم حديث في معلقات جدارية وأرضيات مزخرفة تم تصميمها وتنفيذها في البحرين و تحمل الغرف أسماء من الحكاية كغرفة نور و رؤيا و زهرة الخلود وتم تصميم الأثاث على طراز حقبة فترة الأربعينيات ونُفّذ بحرفية عالية وفناء نزل السلام هو حديقة مثمرة من أشجار الليمون والبرتقال في رمز إلى العطاء المستمر للوالد القائد الشيخ زايد أما الأقمشة والمطرزات المستخدمة هي مزج لرواية جلجامش مع تصاميم النقدة وهندسة العمارة البحرينية.
ويحتوي نزل السلام على جدارية الشمس والقمر التي هي جدار متحرك بتقنية عالية يعكس غروب وشروق الشمس والقمر كذلك في عدة حركات تأخذ مجراها من أقوال مدونة القائد الوالد الشيخ الزايد والتي أصبحت اليوم المحور الأساسي لمنهج الوحدة والسلام للعالم العربي يربط المنزل في الوسط سلما خشبيا تم تصميمه وتنفيذه على مدار ستة أشهر من العمل المتواصل ويحتوي على 700 قطعة خشبية تسرد مفردات أسطورة جلجامش في أسلوب معاصر يربط الطابقين العلوي والسفلي في رمز إلى مزج التراث البحريني بالحضارة التاريخية للمحرق.
وتتمتع مدينة المحرّق بمكانة مرموقة في تاريخ مملكة البحرين لما تحتضنه من معالم أثرية ساهمت منذ القدم في تأسيس المكانة الثقافية والتاريخية للمملكة على مستوى منطقة الخليج حيث كانت منارة للنشاط التجاري والثقافي والفني.
اقرأ أيضاً...الموت يغيب المسرحي البحريني محمد عواد عن 81 عاماً
وقدم هذا المشروع فرصة لطلبة الجامعات من دولة الإمارات لتنمية وتطوير خبراتهم ومهاراتهم ومعارفهم في مجال حفظ واستعادة المواقع الأثرية حيث شارك في المشروع 12 من طلبة الآثار والهندسة المعمارية من جامعات زايد والإمارات وأبوظبي والشارقة وجامعة نيويورك أبوظبي.
ومن المتوقع أن يتم افتتاح الموقع الثاني "الركن الأخضر" في وقت لاحق والذي سيكون مكتبة لأرشفة الفن البحريني واستعادة المخطوطات وحفظ الكتب واللوحات الفنية.. ويُبنى الركن الأخضر بجانب حديقة عمودية فريدة من نوعها شيّدها مركز الشيخ إبراهيم من تصميم المصمم الفرنسي العالمي باتريك بلان وتحتوي على نحو 200 نبتة من أنواع مختلفة معظمها شبه استوائية ومن مناطق صحراوية من حول العالم من حوض البحر المتوسط وأستراليا وجنوب أفريقيا.