من الفئات التي عليك تجنبها، لأنها مبعث إحباط، وسلب الطاقة الايجابية من النفس، وتحطيم المجاديف، وتقصير الأجنحة، فئة اللائمين الدائمين، فئة لا تعرف ما يفرحها ويطربها، ويبعث في قلبها الرضا، وتسكن نفسها بالطمأنينة، ولو حاولت في سبيل ذلك بذل كل الجهود، وتسخير كل الإمكانات، سيبقى شيء ناقص يرونه، ولا تراه، شيء سيقترحون عليك لو أنك شاورتهم في الأمر مسبقاً لكان عملك في نظرهم كاملاً متكاملاً، مشكلتهم أنهم دائماً ما يأتون متأخرين، لكن جعبتهم لا تخلو من انتقاد لا نقد، ومن لوم وتثريب، وليت لومهم مبني على معرفة وبُعد رؤية، كثيراً ما يكون اللوم على التفاصيل، فلو اشتريت سيارة لونها أزرق، لأنك تحب ذلك اللون الملكي، ولأسباب تتعلق بالريال المدريدي مثلاً، فأول ما تصادفهم سيلومونك على اختيار ذلك اللون، لأنه لون غير موفق، وغير صامد في الحياة، ولا يتناسب مع البيئة في الإمارات، وربما اقترحوا عليك لون «البرشا» الاحتياط التعبان، والذي لا يتناسب ولعبهم الجميل، وربما أيضاً تعدوا في لومهم بعد اللون، نوع السيارة، وأن الوكالة قطع غيارها غالية، وتصليح كراجها يتأخر، ويغرمونك أكثر من المستشفيات الخاصة، بعدها سيقترحون عليك طراز سيارة مختلفة لا تتماشى مع ميزانيتك، وأنت في الأساس لا تحبها، وترى أنها أشبه بسيارات شركات الطيران التي يرسلونها لركابها من درجة رجال الأعمال، المهم سيظلون يلومونك، ويذمون في اختيارك حتى تعاف تلك السيارة، وتقول في خاطرك يمكن عندهم حق، ليتني استشرتهم قبل ما اشتري، وهنا مبلغ نجاحهم لأنهم قدروا الولوج إلى داخل نفسك، وتغيير قناعاتها، وسرقوا فرحك، ولم يكتفوا، بل صبوا عليك من طاقتهم السلبية، بحيث أصبحت مثل «المتحرول».
فئة اللائمين دوماً يتصدون لكل مشروع داخل البلد، ولو لم يعرفوا تفاصيله، ولا جدواه الاقتصادية، ولا منفعته المجتمعية، تكون شركة ناوية أن تبني مجمعاً للشقق السكنية بغرض بيعها على المستثمرين، فيخرجون من بين أنقاض ذلك المشروع الذي ما زال في مرحلة الحفر الأولى، وبناء الأساسات، فيدمغونه بسيل من وابل لومهم وانتقاداتهم؛ «الحين منو بيشتري هذه الشقق الصغيرة مثل علب الكبريت؟ تراهم ترسوا البلاد من هالعمارات، وما عندهم غير كل مرة يعلنون عن مشروع استثماري جديد، منو بيستأجرها؟ ومن وين بيحصلون مستأجرين يدفعون ايجار الشقة فوق مائتي ألف درهم سنوياً؟ باجر بتقولون ما قلنا، إذا ما تمت هالمشاريع في حجالهم»!
فئة اللائمين ستجدهم لك بالمرصاد، ولا تعرف من أين يظهرون لك فجأة، حتى لو فسلت صَرّمة، أول لومهم سيكون؛ «لا يكون فسلت فحلاً»؟ وحين تجيبهم أنها من الخرايف، سيذمون ما فعلت ويستصغرونه بقولهم؛ «والله ما غير الشحام اللي زرعت»! ومهما حاولت أن تطيّب قلوبهم، وترضي نفوسهم، دائماً ما يجلسون على رأس الحامل، ولا يقتنعون بشيء من عمل الآخرين، وبالمقابل تريد أن ترى لهم عملاً جميلاً متقناً أو مشروعاً ناجحاً في هذه الحياة أو مبادرة تنفع العباد، فلا تجد، لأن كل عملهم في هذه الدنيا منصب على رؤية التفاصيل الناقصة، وأعمال الآخرين القابلة للانتقاد، وأفكارهم القابلة للتهميش، وربما يكون السبب في إحجامهم عن تبني الأعمال خوفهم الدائم من تعرضهم لأقوام لوامين مثلهم وأكثر، لذا يخشون العمل خشيتهم من لوامين دائمين يشاركونهم لعبهم الذي يعدونه لعباً منفرداً، وممتعاً.