أراقبُ بدهشةٍ ذلك التحوّل العجيب الذي يطرأ على ما أشعر به أمام إنتاجات الذكاء الاصطناعي في مجال الإبداع. ثمّة كمٌّ هائلٌ من المشاعر المتناقضة ينتابني تجاهه كلما تعاملتُ بصبرٍ وقَبول أمام إنتاجه المصطنع، كمشهدٍ مصور أو مقال مكتوب بحرفية عالية، أو حتى مقطع موسيقى جميل، أو صوت شجيّ في أغنية أثيرة لدي.
ثمّة مشاعر متداخلة، انبهار وريبة، دهشة وإحساس خفيّ بالتهديد والنفور، إعجاب مشوب بالخوف! أشياء من هذا القبيل الذي لم نألفه في تجربتنا الشعورية التي نخبرها، وكذلك حال من سألتهم، لدرجة أن صديقة لي وصفت شعورها أمام أحد تلك الإبداعات الاصطناعية بأن فيها شيئاً «شيطانياً».. وذلك عندما خذلتها اللغة في وصف شعورها!
في علم النفس، تُفهم المنظومة الشعورية عادةً كمجموعة من الانفعالات التي تتجه في مسار واحد نحو ذروة محددة، فالغضب، مثلاً، يحمل القلق والتوتر والعدوانية في اتجاهٍ واحد واضح. أمّا ما نعيشه اليوم، فهو حالة من التداخل العاطفي أو ما يمكن تسميته بـ «الارتباك الشعوري»، تظهر فيه مشاعر متضادة تنبض في وقت واحد دون أن تُفضي إلى انفعال نهائي واضح قابل للوصف.
الحقيقة أن هناك شيئاً يتشكّل داخلنا، بسبب استجاباتنا النفسية تجاه الجديد الذي نواجهه، شيئاً يتغير في منظومتنا الشعورية. ربما يمكنني تشبيه هذا الشعور بما اختبره الإنسان الأول لحظة اكتشافه للنار، ذلك المزيج الغريب من الفرح والخوف، من الإعجاب والرهبة. فقد رأى فيها القدرة على الإنارة والحياة، لكنه أدرك في الوقت ذاته قدرتها على الحرق والقتل. لعلنا نعيش لحظة مشابهة لذلك، لحظة انفعالية لم تعرفها البشرية قبل، حيث نشهد تحوّلاً في طبيعة الإحساس نفسه.
ولكن يا تُرى، هل سيكون لهذه النار الجديدة دور في إضاءة شيء في دواخلنا، أم أن هناك ظُلمة قد تهدّد وعينا وإدراكنا وحدودنا التي نعرفها؟!


