محمد عبد السميع
كثيرٌ منّا يدخل تخصصه العلميّ في أعماله الأدبيّة، ويتخللها، لدرجة أنّك تحسّ أنّ هذا الأديب طبيب أو عالم فلك أو فيلسوف أو معلم فيزياء، وهكذا، وربما تكون المقدرة على تطويع هذه «الداتا» العلميّة بسهولة وخفّة ورشاقة، هي من أسباب نجاح العمل الأدبي في القصّة أو الرواية أو أيّ جنس أدبي آخر.
والروائيّة الليبيّة ريما معتوق استطاعت أن تُدخل معلومات الصيدلة التي درستها وتخصصت بها، إلى متن رواية «قتيلة السابعة مساء»، فتفيد القارئ وتثبّت الحقائق بطريقة أدبيّة غير ثقيلة، حيث تؤمن كما تقول لـ«الاتحاد»، بتداخل الأجناس العلمية والأدبية وفق مقدرة الكاتب نفسه، انطلاقاً من تنافذ العلوم وتداخلها، إذا أحسنّا الإمساك بخيوط العمل الروائي أو القصصي، واشتغلنا على تقديم مادة تروق للقارئ، ولا تكون مجرّد معلومات أو قوالب نصبّها في جسد هذه الأعمال.
لكنّ معتوق، التي عاشت جمال الطبيعة والتراث والأصالة، ليس من السهولة أن تنساق وراء السوشال ميديا، ولذلك فهي حذرة من كتابات الفيس بوك على سبيل المثال، واللهاث وراء الترند أو الشهرة دون نضوج التجربة الأدبية، فالروائي أو الكاتب عموماً هو صاحب حسّ رومانسي أصيل وشاعريّة عالية، يعيش تفاصيل عمله الأدبي ويتعايش مع شخوص هذا العمل ومجرياته، فلا يمكن مثلاً أن نلجأ إلى «الذكاء الاصطناعي» ليكتب روايةً عنّا أو يجمع تفاصيل الأعمال الأدبيّة بالنيابة عنّا، فتضيع الروح المنشودة من هذا العمل أو ذاك، ونكون نسخاً مكرورة عن بعضنا في كلّ الأعمال.
نشأت الأديبة ريما معتوق على القصّة القصيرة، وساقها حظّها إلى دار نشر مصريّة نصحتها بتحويل عملها الأدبيّ الأول إلى رواية، فكانت «قتيلة السماء السابعة» باكورةً لأعمال تالية مثل رواية «لا شيء يسقط بالتقادم»، ثمّ رواية «العشق في قبر عون».
وترى الأديبة ريما معتوق أنّ الأديب الجيّد يفرض نفسه على الساحة الأدبيّة، وأنّ دور النشر العربيّة تتنوّع بين من يبحث عن الفائدة الماديّة، بغضّ النظر عن المحتوى أو القيمة الأدبيّة، ومن هو جادّ ولا يفرّط بقناعات النشر في الموضوع الجيّد والتقنيات الإبداعيّة التي تضيف للمشهد الثقافي الكثير من الاستمتاع والإبداع.